يسير هيروشي شيبويا في ممر داخل متنزه يويوجي العام الكائن في وسط طوكيو عصر يوم أحد، ويتوقف من آن لآخر ليرفع هاتفه الذكي عاليا بعيدا عن نظره.
وعلى الرغم من رذاذ المطر الذي يتساقط بين حين لآخر، يعد شيبويا وهو موظف أنيق المظهر يضع نظارة على عينيه واحدا من عشرات الأشخاص الذين يغامرون بالخروج من منازلهم وسط هذا الطقس، ليمارسوا لعبة ” بوكيمون جو ” الإليكترونية التي تلقى رواجا كبيرا على هاتفه المحمول داخل المتنزه.
ويقول شيبويا الذي رفض الإفصاح عن اسمه الحقيقي “أنا آتي إلى هذا المتنزه في كل عطلة نهاية الأسبوع، وهذه اللعبة جعلتني أتجول غالبا خارج منزلي أكثر من ذي قبل”.
ويضيف شيبويا إنه انضم إلى محبي هذه الصرعة سريعا بعد أن دشنت شركة نينتندو هذا التطبيق الإليكتروني في تموز/يوليو الماضي، على الرغم من أنه نادرا ما يمارس ألعاب الفيديو في منزله.
ويتجول زوجان من كوريا الجنوبية يقيمان في حي أداتشي الكائن بالناحية الشرقية من العاصمة اليابانية أيضا في أنحاء المتنزه وهما يبحثان عن شخصيات البوكيمون.
ويقول الزوج ” كل ما أريده هو اصطحاب زوجتي خارج المنزل لأنها تقضي كثيرا من الوقت داخله، ونحن نذهب إلى حدائق أخرى لكي نمارس هذه اللعبة”.
وأوضح تاتسو نومورا كبير مديري الإنتاج بشركة “نيانتك” التي طورت اللعبة بمهرجان الصناعات الابتكارية في مجال الاتصالات “سبايكس آسيا”، الذي استضافته سنغافورة في أيلول/سبتمبر الماضي قائلا ” هذه هي الطريقة التي بدأ بها المشروع.
كما أوضح أن لعبة “بوكيمون جو” تجعل اللاعبين يخرجون من منازلهم في العالم الواقعي ليمسكوا بأحد شخصيات اللعبة.
وتنتمي هذه اللعبة لما يعرف باسم ” الواقع المعزز “، وهي تكنولوجيا متطورة مختلفة عما يعرف باسم “الواقع الافتراضي”، حيث تقوم على إسقاط الأجسام الإفتراضية والمعلومات في بيئة المستخدم الحقيقية لتوفر معلومات إضافية أو تكون بمثابة موجه له من خلال أجهزة مثل الهاتف الذكي، وتتيح اللعبة التي أثارت ضجة عالمية هذا العام للاعبين البحث عن شخصيات بوكيمون التي يولدها الكمبيوتر من خلال الهاتف، حول المواقع الجغرافية في العالم الواقعي.
وتعد بوكيمون جو لعبة تنتمي أيضا لما يعرف باسم البيانات الوصفية ” ميتاداتا “، وهي بيانات لتنظيم المعلومات على شبكة الإنترنت، حيث يتم إضافة بيانات أخرى إلى بيانات تتعلق بالعالم الواقعي.
وكتب هيساكازو هيراباياشي المحلل ورئيس شركة إنترآكت للاستشارات الخاصة بصناعة ألعاب الفيديو بطوكيو على موقع ” نيبون.كوم ” الإليكتروني يقول ” إن هذه اللعبة لا تقتصر على المعلومات الجغرافية التي يمكن رؤيتها في بوكيمون جو”.
وأضاف هيراباياشي إنه عندما يربط مطورو اللعبة البيانات الوصفية بالبيانات الرقمية، مثل الباركود وبيانات الصور وأشكال الموجات الصوتية فإن ذلك ” يمكن أن يتيح إمكانية ابتكار ألعاب جديدة”.
وتشير شركة ” جونيبر ريسرش ” البريطانية لأبحاث السوق إلى أنه من المتوقع أن يصل إجمالي عدد تنزيلات لعبة بوكيمون جو من الإنترنت إلى قرابة نصف مليار تنزيل بحلول عام 2016.
كما تقدر الشركة أن عدد تنزيلات ألعاب الفيديو الأخرى التي تنتمي ” للواقع المعزز ” يمكن أن يبلغ نحو 17 مليونا بحلول نهاية العام الحالي.
وقال نومورا في كلمة له بمهرجان سبايكس آسيا ” إننا نأمل أن ننتج مزيدا من هذه النوعية من الألعاب “.
ويتوقع المحللون زيادة هذا العدد بشكل كبير خلال الأعوام المقبلة، حيث أن إنتاج ألعاب ” الواقع المعزز ” يحتاج إلى نفقات أقل مقارنة بألعاب الواقع الافتراضي، التي تتطلب استخدام جهاز كبير لسماعة الرأس وطريقة خاصة للتصوير وعمل تحريري خاص.
ويقول المحللون إنه من المرجح أن تتطور بعض ألعاب الواقع المعزز لتصل إلى جيل يأتي بعد محبي لعبة بوكيمون الحاليين وبالتالي سيتم توسيع السوق، وجذبت بوكيمون جو البعض مثل شيبويا الذين لم يكونوا متحمسين من قبل لممارسة ألعاب الفيديو.
وتقول يوري وهي طالبة بمدرسة للتمريض في طوكيو ورفضت الإفصاح عن اسم عائلتها ” إن لعبة بوكيمون جو مكنت بعض الأشخاص المصابين بالإكتئاب من الخروج من عزلتهم وممارسة اللعبة في الهواء الطلق “.
وتتوقع شركة جونيبر للأبحاث أن تنمو سوق ألعاب الواقع المعزز من 515 مليون دولار عام 2016 إلى 7ر5 مليار دولار عام 2021، وستأتي معظم الإيرادات من الاشتراكات ورسوم التصاريح، ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه التصاعدي في الإيرادات.
وأطلقت شركة نينتندو لعبة ” بوكيمون جو بلاس ” في أيلول/سبتمبر الماضي، وهي مزودة بأداة إضافية تنبه اللاعبين باقتراب إحدى شخصيات بوكيمون منهم وتسمح لهم بمحاولة الامساك به.
ويقول المحللون إن عدد لاعبي بوكيمون جو تراجع منذ طرحها، وبالتالي تحاول نينتندو اجتذابهم إلى اللعبة مرة أخرى، ويتوقع محبو اللعبة أن يجدوا مزيدا من المفاجآت من جانب الشركة المنتجة للعبة قبل احتفالات أعياد الميلاد المقبلة.
ومن ناحية أخرى طرحت سوني وهي شركة منافسة لنينتندو سماعة للرأس لممارسة لعبة بلاي ستيشن التي تنتمي للواقع الافتراضي، وذلك في تشرين أول/ أكتوبر الماضي في السوق اليابانية بسعر 44980 ينا (396 دولارا)، على أمل إعطاء دفعة للمبيعات حيث أن أسعار سماعة الرأس هذه أقل من الأجهزة المماثلة التي تنتجها شركات أخرى.
وتحرص سوني أيضا على لعب دور نشط في مجال ألعاب الفيديو على الهواتف الذكية، فأسست فرعا لها باسم “فورارد ووركس″ في نيسان/ أبريل الماضي، وتريد هذه الشركة العملاقة المتخصصة في إنتاج الأجهزة الإليكترونية الاستهلاكية توسيع قاعدة زبائنها عن طريق السماح للمستخدمين بممارسة ألعاب بلاي ستيشن وغيرها على الهواتف الذكية.
وقال المدير التنفيذي لشركة سوني كازو هيراي لصحيفة فاينانشيال تايمز في أيلول/ سبتمبر الماضي ” إن لعبة بوكيمون جو صارت بمثابة عنصر تغيير في عالم ألعاب الفيديو “.
وأضاف ” إنني مهتم للغاية بحقيقة أن هذه اللعبة لديها إمكانية أن تغير حرفيا في الواقع الطريقة التي يسير بها الناس في الشوارع″.