السيد وزير الشؤون الخارجية و التعاون،
السادة السفراء،
أيها الضيوف الكرام،
أيها الأصدقاء
أيها السادة و السيدات
أهلا وسهلا بكم في الاحتفالات المخلدة لذكرى مرور 240 سنة على إعلان استقلالنا. في عام 1775 بدأ الصراع المسلح بين القوات الأمريكية والبريطانية بسبب رفض الأمريكيين لدفع الضرائب إلى البرلمان البريطاني الذي لم يكونوا ممثلين فيه. بينما سعت أقلية فقط إلى الاستقلال عن بريطانيا. بعد سنة من الحرب، اصبح المطالبون بالاستقلال يشكلون الاغلبية في الكونغرس القاري. فصوتوا لصالح اعلان الاستقلال يوم 2 يوليو، 1776. كما تم إعلان استقلالنا إلى العالم يومين بعد ذلك أي في 4 يوليو 1776،. كان السلطان محمد الثالث سلطان المغرب أول حاكم اجنبي يعترف باستقلالنا في 1777. في 1778 اعترفت فرنسا بالولايات المتحدة ودخلت معها في تحالف عسكري جديد. قدمت اسبانيا وهولندا أيضا دعمهما لنا. و انتهت الحرب رسميا في عام 1783، أي بعد سبع سنوات من توقيع إعلان الاستقلال.
ويظهر هذا التاريخ كيف أن الشراكة مع دول أخرى يمكنها أن تلعب دورا بارزا في تنمية بلادنا. لقد بدأت شراكتنا مع موريتانيا في عام 1960 حيث أصبحت الولايات المتحدة في عهد الرئيس ايزنهاور أول دولة تعترف باستقلال موريتانيا.
من حيث المبدئ فإن الشركاء يعملون معا من أجل تحقيق الأهداف المشتركة. الشركاء يثمنون إنجازات بعضهم البعضلأنالشراكة هي التشاور. و دعونا نقوم بمراجعة للشراكة بين الولايات المتحدة وموريتانيا خلال العام الماضي.
في المجال الأمني، استضاف سلاح الجو الموريتاني شهر سبتمبر الماضي في نواكشوط ندوة لقادة القوات الجوية الأفارقة. و استضافت القوات الجوية الامريكية و القوات الجوية الموريتانية حدثامماثلا في وقت مبكر من هذا العام في ألمانيا. وتساهم هذه الجهود الناجحة والدور القيادي لموريتانيا في القارة الأفريقية في تعزيز و تنسيق التعاون الأمني الإقليمي. في يناير 2016، استضافت موريتانيا بالشراكة مع السنغال و الولايات المتحدة و 30 دولة أخرى، تدريبات ميدانية كجزء من مناورات "فلينتلوك" السنوية. كما أكمل الفريق المدني العسكري التابع للجيش الموريتاني تدريباته العسكرية تحت اشراف الجيش الامريكي في أبريل الماضي.
كما قام جنود موريتانيون بتدريب الجنود الامريكيين على تقنيات حرب الصحراء و على طرق العيش في الصحراء. كما نظمنا تدريبات للشرطة ومسؤولين في القضاء الموريتاني حول أمن الحدود، وإدارة مسرح الجريمة، وغسيل الأموال، ومكافحة التهريب. و بهذه المناسبة فإننا نهنئ موريتانيا على كميات المخدرات المضبوطة في الآونة الأخيرة، و على الاعتقالات، والملاحقات القضائية التي طالت مهربي المخدرات.
في مجالات التعاون الأخرى، قامت الولايات المتحدة بتجهيز كلية الهندسة الجديدة في ألاك، و بتدريب رجال الأعمال الموريتانيين حول كيفية تصدير البضائع إلى الولايات المتحدة، و ببناء تعاون بين مراكز الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الأمراض و وزارة الصحة الموريتانية، وبتمويل مشاريع تنموية لصالح المجتمع الموريتاني في جميع أنحاء البلاد. واصلت الولايات المتحدة العمل مع الأمم المتحدة والمسؤولين الموريتانيين لتحسين الأمن الغذائي وتوفير احتياجات اللاجئين الماليين. كما قمنا منذ العام الماضي برعاية و تمويل سفر 27 موريتانيا إلى الولايات المتحدة في إطار التعليم والتبادل الثقافي. و كان ذلك أكبر عدد يتم ارساله دفعة واحدة منذ أي وقت مضى. أنفقنا أكثر من 1.5 مليون $ دولار على البرامج التعليمية، مثل برنامج تعليم الانجليزية للصغار. وبالنظر إلى أن الشباب الموريتاني كثيرا ما يفتقر إلى المهارات العملية اللازمة للعمل في اقتصاد الدول الحديثة، تعمل الولايات المتحدة وموريتانيا معا على زيادة فرص الحصول على التعليم التقني والمهني.
و كدولة صديقة، فإننا نحيي الانجازات العديدة التي تحققن في موريتانيا خلال العام الماضي. إن نشر كتيبة حفظ السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى، و استمرار استضافة اللاجئين الماليين والتوقيع مؤخرا على الاتفاق الثلاثي بشأن عودتهم إلى بلادهم والتقدم الذي احرز في تنفيذ جدول أعمالمنظمة دول الساحل، التي يقع مقرها هنا في نواكشوط، كلها تعتبر ضمن المساهمة الموريتانيةالكبيرة في السلام والأمن في المنطقة. و في نفس الميدان نذكر تنظيم مؤتمر إقليمي للشباب من طرف وزارة الشباب والرياضة في يوليو تموز الماضي، والمؤتمر الإقليمي حول مكافحة التطرف العنيف برعاية فخامة الرئيس في أغسطس الماضي. فبعد أن عانت موريتانيا مدة ست سنوات من الهجومات الارهابية المتكررة، استطاعت الحكومة الموريتانية وقوات الأمن التابعة لها، بمشاركة كاملة من الائمة وبقية الشعب الموريتاني، تأمين بلادها. حيث لم يسجل أي هجوم منذ خمس سنوات. ما شاء الله! للأسف، لا يمكنني أن أقول نفس الشيء عن بلدي. سئلت مرة لماذا أرسلت الولايات المتحدة وفدا كبيرا لحضور مؤتمر انواكشوط في أغسطس الماضي لمواجهة التطرف العنيف. الجواب بسيط: لدينا الكثير لنتعلمه من النجاحات الموريتانية في هذا المجال. موريتانيا تلعب دورا متزايد الأهمية في الشؤون العالمية. وهذا واضح في الرئاسة الموريتانية للاتحاد الأفريقي في عام 2014، وانتخابات موريتانيين مؤخرا في مناصب قيادية في الأمم المتحدة، وبطبيعة الحال، باستضافتهاللقمة العربية خلال الايام القليلة القادمة.
كما أن الرئيس الموريتاني أعطى مثال جيدا للقادة الأفارقة والعرب و ذلك برفضه للمقترحات التي قدمت له للترشح لولاية ثالثة، و اختار بدلا من ذلك ان يحترم الدستور الموريتاني.
لقد قطعت موريتانيا خطوة هامة نحو الحفاظ على الموارد البحرية من خلال إطلاق مبادرة الشفافية في مصايد الأسماك، والعمل بشكل وثيق مع خبراء عالميين ومع غيرها من البلدان.
كما نشيد أيضا بنجاح موريتانيا في مجال مكافحة الرق ومخلفاته. تعزيز حقوق الإنسان. إن قانون 2015 لمكافحة الرق وتطبيقه بشكل سريع، بما في ذلك إنشاء المحاكم الإقليمية المناهضة للرق، تعد بتحرير موريتانيا أخيرا من هذه الممارسة القديمة والمسيئة ومن بقاياها. لقد حصل ثلاثة من قادة المجتمع المدني الموريتاني على جوائز مرموقة هذا العام سلمها لهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. و القادة هم فاطيماتاامباي، إبراهيم بلال رمظان و برام الداه ولد عبيد. ونحن نشجع الحكومة والمجتمع المدني على العمل معا لتحقيق الأهداف المشتركة. وهناك مثال جيد على ذلك و هو التعاون بين وزارة العدل ومنظمة نجدة العبيد بشأن تحديد حالات العبودية و تقديمها للمحاكم الإقليمية المناهضة للرق.
لقد قمت أنا و عائلتي برحلتين من و إلى مطار أم التونسيالدولي. إنها حقا منشأة متطورة ومثيرة للإعجاب و تعد إنجازا وطنيا كبير آخر للحكومة الموريتانية تستحق الثناء الكبير عليه.
لقد عاشت بلادي مؤخرا العديد من المآسي نتيجة لعدم التماسك الاجتماعي، الناجمة عن تاريخ العبودية عندنا ومخلفاتها. و في هذا الاطار أعرب العديد من الأصدقاء الموريتانيين عن تضامنهم مع الشعب الأمريكي. و في الواقع يتقاسم بلدانا العديد من المخلفات التاريخية المؤسفة، كما ذكرت ذلك العام الماضي في نفس المناسبة. كما هو الحال بالنسبة لموريتانيا، نحن نكافح من أجل التغلب على بعض مخلفات الماضي و نسعى إلى بناء بلد أفضل لجميع مواطنينا.
ليس مطلوبا من أحد الشركاء أن يطبق نصيحة الشريك الآخر، لكنه عليه إن يوليها اهتماما خاصا. إن اعلى الدوائر في حكومة الولايات المتحدة تسعى بانتظام إلى الحصول على المشورة بشأن قضايا الأمن الإقليمي من الرئيس الموريتاني. نحن نتلقى بامتنان هذه النصيحة و يتمعادة الاعتماد عليها في تطبيق سياساتنا. نحن نقوم بالتنسيق بشكل وثيق فيما يتعلق بعملية السلام في مالي.
من جانبنا، نقدم المشورة للقادة الموريتاني في مجالات عدة من ضمنها تعزيز الاستثمار الأجنبي. و لأن رأس المال جبان فإن الناس لا يميلون إلى استثمار أموالهم مع وجود العديد من العوامل غير المعروفة. يمكن للحكومة إزالة بعض هذه العناصر المجهولة من خلال تطبيق اللوائح منظمة وعادلة.
قبل الختام، أود أن أشكر زملائي الذين عملوا بجد لتنظيم هذا الحفل. وأود أيضا أن أشكر والدتي كاثلين هويت التي أتت من أوستن بولاية تكساس لمشاركتنا أنا و عقيلتي ديبوراه، في هذا الحدث. لقد استمعت إلى القصص التي رويناها لها عن جمال هذا البلد الرائع و عن كرم ضيافة الشعب الموريتاني. أرادت أن تكتشف موريتانيا، لذلك سافرت معنا خلال رحلاتنا الأخيرة إلى كل من كيفة وروصو.
وأود أيضا أن أعبر عن تقديري لضيوفنا المميزين لهذه الليلة، أعني الثنائي الموسيقي الأمريكي جريج انجل وستيفن دوستر، فضلا عن الثلاثي الموريتانيين بقيادة الشيخ ولد لبيظ. الشيخ، أنا ممتن لأدائك الجميل للنشيدين الوطنيين الموريتاني والأمريكي. من خلال حبهم للموسيقى، بنى هؤلاء الموسيقيون جسرا بين بلدينا. و الحق أقول ان موريتانيا و الولايات المتحدة هما دولتان جارتان، لا يفصلهما سوى قليل من الماء!
عاشت الشراكة بين موريتانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
انواكشوط، 12 يوليو 2016
لاري آندرى،
سفير الولايات المتحدة لدى موريتانيا