منحت الجهات التنظيمية واحدة من كبريات شركات الأدوية في العالم الموافقة على بيع علاج جيني جديد.
ويعالج العقار الجديد مرضا يطلق عليه نقص المناعة المركب الشديد بإنزيم أدينوزين ديزاميناز (ADA-SCID) الذي يمنع الرضع من مقاومة حالات العدوى اليومية.
وهذه هي الموافقة الأولى من نوعها على علاج جيني التي تُمنح لشركة أدوية متعددة الجنسيات، هي غلاكسو سميثكلاين (GSK).
ويقول مراقبون إن هذا التطور يؤذن ببداية لدى شركات الأدوية الكبرى لإنتاج أدوية جينية أخرى كثيرة.
ويَنْدر حدوث هذا المرض، إذ يصيب قرابة 20 طفلا سنويا.
ويمهد العلاج الجيني الطريق لتطوير الأدوية للكثير من الأمراض المنتشرة مثل فقر دم حوض البحر الأبيض المتوسط (الثلاسيميا) ومرض فقر الدم المنجلي.
وتحدث المئات من الاختلالات الجينية، مثل التليف الكيسي وضمورالعضلات والكثير من أنواع العمى، بسبب تشوه الجينات.
ضجّة
وتستهدف الأدوية الجينية علاج المرض من خلال إدخال نسخ سليمة من الجينات إلى المريض.
وتتمثل الميزة الكبرى للعلاج في أنه يُعطى للمريض مرة واحدة ويقدم شفاءً دائما على الأرجح.
وثارت ضجة كبيرة حين طُرحت الفكرة لأول مرة منذ 30 عاما. وآنذاك، كانت شركات الأدوية الكبرى، مثل نوفارتس العالمية وروش، في طليعة هذه التكنولوجيا.
وقال المدافعون عن الأدوية الجينية إنها ستعالج كل شيء لكنها، على مدار 20 عاما، لم تعالج شيئا.
وأثبتت التطبيقات العملية لإدخال الجين المناسب في الخلايا المناسبة وتثبيتها وجود صعاب أكبر مما اعتقد في السابق.
وحدثت انتكاسات هائلة لتلك التكنولوجيا في مراحلها المبكرة.
صعاب
في عام 1999، تُوفي شاب يُدعى جيسي غيلسينغر (18 عاما) في تجربة سريرية لدواء جيني لعلاج مرض من أمراض الكبد.
وتسبب الفيروس المستخدم في نقل الجين إلى خلاياه في إحداث نشاط زائد في جهاز المناعة، وهو ما أدى إلى فشل الكثير من الأعضاء وموت الدماغ.
وبعد ثلاثة أعوام، أصيب أطفال يعالجون في باريس من مشاكل في أجهزة مناعتهم بسرطان الدم لأن الجين السليم أدخل قريبا للغاية من جين مسبب للسرطان الذي بات نشطا نتيجة لذلك.
وشهدت الانتكاسات انسحاب شركات أدوية كبرى من البحث في هذا المجال.
لكن عددا من شركات التكنولوجيا الحيوية الصغيرة وهيئات البحث الممولة من القطاع العام واصلت عملها، ومع مرور الوقت، جرى التغلب على الصعوبات السابقة.
وإلى جانب الموافقة الحالية على عقار غلاكسو سميثكلاين، الذي تطلق عليه الشركة اسم "ستريمفيليس"، أعطت الجهات التنظيمية في عام 2012 الضوء الأخضر لعلاج جيني أطلق عليه "غلبيرا" لعلاج تشوهات البنكرياس، وآخر العام الماضي أطلق عليه "تي-فيك" لعلاج سرطان الجلد.
ووفقا لآلن بويد، عميد كلية الطب الدوائي في بريطانيا الرائدة في تطوير العلاج الجيني، يُرجح أن تُمنح الكثير من الموافقات خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأضاف أن "معظم العمل الشاق أنجزته شركات صغيرة. لكن، وبما أن بعض تلك المنتجات بات طرحها في السوق قريبا، عادت شركات الأدوية الكبرى".
خطوة مهمة
ويؤذن عقار ستريمفيليس لغلاكسو سميثكلاين لمرحلة انطلاق بالنسبة للشركة لتطوير أدويتها الجينية. وتعكف الشركة على برامج بحثية لثلاثة أمراض نادرة نسبيا، وبرنامج وتعاون آخر لاستخدام عقار جيني لعلاج السرطان.
ولم تكشف غلاكسو سميثكلاين حتى الآن عن أي تفاصيل بشأن سعر علاجها الجديد لكن رئيس وحدتها للتطوير والبحث، باتريك فالانس، يقول إن الهدف سيوكون توفير ستريمفيليس وأي أدوية جينية أخرى تطورها الشركة للكثير من المرضى قدر الإمكان.
وأضاف "ملتزمون كل الالتزام بالوصول إلى السعر المناسب... فمن الواضح أنك لا تستطيع تحديد سعر لا يمكن تحمله".
ولا شك أن مسألة تسعير العقار ستُحل تدريجيا على المدى البعيد، كما أن إجراء المزيد من التجارب سيجعل تكلفة العلاج ينخفض باستمرار.