قبل سنوات، وقع مئات الموريتانيين على عريضة إلكترونية تطالب بإجراء تعديلات على قانون تجريم الاغتصاب، وذلك بسن نصوص تحث على "استخدام وسائل طبية حديثة لإثبات جريمة الاغتصاب، وعدم التعامل مع هذا الجرم كحالة زنا ومع الضحية كمشتبه بها".
وتحدد المادة 24 من القانون الجنائي الموريتاني للطفل عقوبة الاغتصاب من 5 إلى 10 سنوات في حين يحدد القانون الجنائي عقوبة الاغتصاب للبالغ بالأشغال الشاقة المحددة أقصى عقوبة لها 20 سنة.
قانون جديد قديم
بعد الإعلان عن مسودة مشروع قانون "كرامة"، الذي جاء بعد قترة من قانون النوع، عاد الجدل من جديد بين مؤيد يرى أنه حان الوقت لإنصاف المرأة، وبين معارض يراه مخالفا للشريعة الاسلامية، كما حدث في 2017 و2018، حين صادقت الحكومة على "قانون النوع"، قبل أن يواجه بالرفض.
وخلال سنة 2020، صادقت الحكومة على ذات المشروع في اجتماع استثنائي، لكنها لم تحله إلى الجمعية الوطنية.
مشروع قانون "كرامة" يأتي بحسب المسودة، "إيمانا بقيم الإسلام ومقاصده التي جاءت لتحمي قدسية الأسرة وتصون كرامة المرأة و الفتاة، واستلهاما للمبادئ الدستورية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
يهدف هذا القانون إلى الوقاية من العنف ضد المرأة والفتاة، ووضع الإجراءات القانونية الكفيلة بحماية الضحايا وتعويضهن عن الضرر ومعاقبة الجناة".
ويتضمن مشروع القانون 54 مادة تجرم كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات، وأنواع التحرش "في الفضاء العمومي أو غيره بأفعال وأقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية واضحة أو لأغراض جنسية واضحة بواسطة رسائل مكتوبة"، بحسب المادة 26.
وتقترح المادة ذاتها بهذا الخصوص، عقوبة "بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة عشرة آلاف أوقية إلى عشرين ألف أوقية أو بإحدى هاتين العقوبتين دون المساس بالتعويض للضحية عن الأضرار".
احصائيات
بحسب ملخص التقرير الوطني الذي نشرته الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل، فإن "عدد حالات العنف الجنسي التي سُجّلت عام 2021، وصلت إلى 336 ضحيةً للعنف الجنسي من بينهم 266 قاصراً (249 فتاةً و17 ولداً) و70 امرأةً بالغةً، فضلاً عن الحالات التي تم قمعها ولم يتم الاطلاع عليها".
مخاوف من التبليغ عن الاغتصاب
تقول منظمة هيومن رايتس ووتش أن الناجيات من الاغتصاب يواجهن الوصم الاجتماعي والضغوط العائلية حتى لا يتم إبلاغ السلطات عن الاغتصاب.
وصفت عاملة اجتماعية لدى منظمة محلية لحقوق المرأة، دعمت امرأة أبلغت عن تعرضها للاغتصاب من قبل أحد الجيران الذي هددها بالقتل، سلوك وكيل الجمهورية الذي استنطق المرأة؛ قالت: "سألها: 'إن لم توافقي، فلماذا لم تخبري والديك؟'" حينما قالت الناجية إنها تعرف الرجل الذي اغتصبها، أجاب وكيل الجمهورية: "كل ما تقولينه أكاذيب، أنت فعلتِ ذلك برضاك".
فتح وكيل الجمهورية تحقيقا ضد المرأة بتهمة إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، ما يعرف بالزنا، ووضعها قاضٍ تحت المراقبة القضائية خلال التحقيق الذي استغرق شهرين.
يُمكن لغياب خبرات الطب الشرعي وبروتوكولات جمع الأدلة من قبل موظفي إنفاذ القانون والصحة أن يُضعف قضية الناجيات أمام المحكمة. تقدم معظم المستشفيات العامة رعاية طارئة محدودة، وغالبا ما ترفض تقديم فحوص الطب الشرعي للناجيات من الاغتصاب دون إحالة من الشرطة. لا تستطيع العديد من الناجيات تحمل نفقات الرعاية الطبية.
جهود رسمية للقضاء على الظاهرة
أطلقت زوجة الرئيس الموريتاني المرحلة الثانية من مشروع تمكين المرأة والعائد الديموغرافي في منطقة الساحل بموريتانيا، وهي المرحلة التي تستمر لأربع سنوات، ويمولها البنك الدولي بمبلغ 60 مليون دولار.
لا شك ان تصدرالسيدة الأولى للنشاطات المناهضة للعنف ضد المرأة ودفاعها عن حقوقها وحرصها على وجود تشريعات تحمي المرأة سيكون عملا مهما، والتي ظلت إلى عهد قريب تدار بشكل خجول، ويتم التعتيم على كل ما يجري بشأنها، سواء من طرف الضحية (المرأة) أو الرجل على حد سواء، بحكم طبيعة المجتمع.
خديجة كي