اجرت المشاهد مقابلة خاصة مع الناشطة الحقوقية مكفولة منت ابراهيم، تعرضت لجوانب مختلفة من افكارها، والظروف التي عاشتها في المعتقل.
كما تحدت منت ابراهيم، عن الوضعية الحقوقية في البلد، وعن تقييمها للفترة التي مضت من حكم الرئيس محمد ولد الغزواني وحكومته.
واليكم المقابلة:
المشاهد: خلال الفترة الماضية، تعرضتي للتوقيف، هل من الممكن ان تطلعينا على حثيات ذلك؟ وكيف حدث الامر معك؟
مكفولة منت إبراهيم: شكرا، صحيح تعرضت للتوقيف علي اثر اجتماع كما تقول الشرطة غير مرخص في النزل الذي املك، لكنني اعتقد انه كان استهدافا او نزولا عند رغبة البعض، لأن الشخصيات المسؤولة عن الاجتماع اطلق سراحها وابقي علي مدة 9 أيام في مخفر الشرطة في انتظار البحث عن ادلة تدينني، والبعض يريد ان يحقق النجاح والشهرة وتحصيل الرتب من خلال محاولاته الزج بنا في أمور لا تعنينا، ونزولا، او إرضاء لأطراف اخري.
المشاهد: هل تعتقدين ان الامر جاء لإرضاء بعض "اليمين الموريتاني" الذين يزعجهم طريقة تفكيرك؟، وهل للأمر علاقة بدعواتك الصريحة لقيام دولة علمانية في موريتانيا؟
مكفولة منت إبراهيم: لا اشك لحظة في ان ذلك ظل هدفا لدى البعض، وخاصة انصار التيارات الدينية الممارسة للسياسة ومن يدعمهم في البرلمان، والدليل هو ان هناك مجموعة من هؤلاء كانت تبحث عن مصدر التمويلات التي تحصل عليها الجمعية طيلة فترة سجني وفوجئوا عندما علموا او اكتشفوا ان المنظمة التي أرأس لم تحصل علي تمويل خارجي او من أي هيئة دولية رغم انه حق مشروع لأي جمعية في اطار عملها. وهم يعملون ليل نهار علي تشويه سمعة الجمعيات الحقوقية والنشطاء الحقوقيين، ومرد ذلك هو ان خطاب هؤلاء اقوي ويملك الحجة والبرهان ويسحب البساط من تحت اقدام المجموعات "المتدينة "مظهريا، والتي تسعي وتعمل علي تكريس الجهل بغية استغلال العامة وتخديرها لحين استغلال اصواتها في مواسم الانتخابات، وهي في الحقيقة تعمل علي دغدغة مشاعر البسطاء الدينية، وفي نفس الوقت تدفعهم الي الانكفاء والرضا بالتسول امام بيوت زكوات الخليج ومساجده، والتي تحمل هي أيضا أفكاره.
فالعالم لايعرف "الا المصالح، واقربها الي البسطاء والعامة هو ما يربط لهم بدينهم حتي ولو كان متنافرا مع جوهر الدين.
ضف الي ذلك، ان خطاب الجمعيات الديمقراطية يؤسس ويساهم في تكريس مفاهيم الدولة المؤسسة، اما الشخصيات والجمعيات ذات التمظهرات "الدينية" فهي من يؤسس لغير ذلك ولا يؤمن بقيم الدولة و لا يستطيع ان يواصل عمله دون التهجم علي النشطاء والمنظمات الأخرى التي تساهم في وعي الجماهير وهذا ما لا يخدم اجنداتهم.
المشاهد: هل تفاجأت من الاعتقال في ظرفية كان البعض يعلق عليها آمالا بمزيد من الحريات؟
مكفولة منت إبراهيم: لاشك انني تفاجأت، فانا في دولة تدعي الديمقراطية وخارج لتوها من انتخابات ديمقراطية والناس تتطلع الي مزيد من الحريات في اظل اجماع وطني نادر فكيف بها تحتجز اشخاصا بحجة الاجتماع غير المرخص ؟
اما حول المزيد من الحريات، فأنا اري عكس ذلك تماما، واعتقد ان هناك تراجعا مقارنة بالفترة السابقة، وهو امر معروف لدي أي نظام مدعوم من الجماعات "الدينية" وتتحكم في مفاصله تيارات اسلامية سواء كان الامر ظاهريا او بشكل مخفي كما هو الحال اليوم. فهذه الجماعات والتيارات عدوة ابدية للحريات والأنظمة في بلداننا وفي العالم الإسلامي. تخيفها الحريات، ويمكن لتلك الجماعات من اجل إرضاء الشعوب المبتلات بالجهل السيطرة عليها واخافتها ومن ثم التحكم فيها.
المشاهد: هل من الممكن ان تحدثينا عن ظروف الاعتقال.؟ وهل كنت على تواصل مع بقية المعتقلين في المعتقل؟
كان الاعتقال الأول في مفوضية الشرطة القضائية، امضيت هناك ليلتي الاولي، ثم غادرناها الي المحكمة التي اعادتنا الي المفوضية، وهناك جري توزيعنا بين المفوضيات. وامضيت التسعة أيام الأخيرة في المفوضية رقم 3، في غرفة الاستقبال مع 2 من الشباب تعرفت عليهم فقط هناك، وكان معنا بعض الشرطيين في نفس الغرفة وحتي بعض المحتجزين الاخرين.
وكانت الغرفة تحوي مستراحا يفصل بينه ونحن باب شباكي كانت رائحته قذرة وقد طلبت تنظيفه بماء جافيل ونسيت ان لدي حساسية منه مما تسبب لي في المرض.
لم اكن علي تواصل ببقية المعتقلين، وكنت اعرف فقط اثنان منهم رأيتهم يوم رحلونا الي المحكمة مرة اخري.
المشاهد: بعد الافراج عنك، هل مازلت تعنقين نفس الأفكار؟
مكفولة منت إبراهيم: بشكل صريح زاد ايماني بها، وعرفت ان الخلاص والمساواة والعدل يمر عبرها حتما، وازدادت قناعتي ان الطريق الذي اسلك هو طريق تعزيز للحريات وتعزيز لمأسسة الدولة علي أسس قوية موجهة لخدمة الانسان وليس غير الانسان.
المشاهد: كيف تقيمين المشهد الحقوقي في موريتانيا، سواء من ناحية الإجراءات الحكومية، او مساهمة المنظمات المدنية، والحقوقية بشكل خاص؟
مكفولة منت إبراهيم: بالنسبة للشق الأول من السؤال، فإن الإجراءات الحكومية التي تمثلت في اعتقالات بعض المدونين والصحفيين، ثم اعتقال لشخصيات اخري منها الحقوقي ومنها السياسي هو امر غير مبشر صراحة.
اما الشق الثاني وهو أداء المنظمات الحقوقية، فاعتقد انه دون المستوي، ويعود ذلك أيضا الي ان اغلب العاملين في المجال الحقوقي هم اشخاص منفردين، وبلا إمكانيات، بل ربما تعمل بعض الأطراف لتشويه سمعتهم وحرمانهم من الحصول حتي علي فرصة للتعبيرعن آرائهم التي تخدم المجتمع والدولة وان كانت الصراعات البينية تفتك بالمجتمع المدني بشكل عام في موريتانيا..
المشاهد: لو طلب منكي وضع علامة من 10/10، كم ستعطين غزواني وحكومته على الفترة التي مضت من حكمه؟
مكفولة منت إبراهيم: ان كان لابد من التنقيط فإنني سأعطي 0/10 في انتظار ان أقدم رأيي النهائي بعد 15 شهرا من تسيير حكومته كما كنت اكرر في كل مرة، فالطريق طويل والعمل شاق والتمنيات والآمال كبيرة والكثير من الآراء محبطة.