قصتهما هي أقرب لسيناريو فيلم مليء بالحبكات المثيرة والمضحكة، ولكنها انتهت بفستان أبيض وشهر عسل بعد 62 عاماً.
عام 1955 أي قبل 57 عاماً استطاع محمد أن يقنع الفتاة التي أحبها أن تهرب معه وتتزوجه، بعد أن رفضت عائلاتهما زواجهما، مما جعلهما يقرران الهرب.
بحنين إلى تلك الأيام يتذكر محمد (82 عاماً)، الذي كان يعمل في فرن حينها ويقول لـ"خبرتورك": "في ذلك اليوم لم يكن يوجد بجيبي سوى خمسة وعشرين قرشاً، لم تكن وقتها تحبني عائشة كثيراً، ولكنني استطعت أن أقنعها لتهرب معي".
وبالعودة إلى تلك اللحظات تتحدث عنها (عائشة 78 عاماً)، معترفة أنها لم تكن تحب محمد كثيراً، ولكنه استطاع إقناعها وأمسكها من يدها وهربوا، وتقول "لقد هربنا طوال الليل عبر الغابات، وبعدها وجدنا بيتاً في الغابة وبقينا فيه".
وتواصل عائشة وصفها لتلك الأيام التي عاشتها هي وحبيبها محمد: "لم نستطع إيقاد نار، ولم يكن لدينا طعام ولا شراب، بقينا لمدة 3 أيام متواصلة هكذا، وبعدها وجدنا حديقة بطاط، قمنا بغلي البطاطا وأكلها"، وفي وصف البطاطا وطعمها تقول عائشة: "لن يستطيع محمد نسيان طعمها ولا أنا".
وفي حديثها عن هذه الأيام تقول عائشة: "الحمد لله لدينا المال الآن والذهب، ولدينا كل شيء، ولكننا بحاجة إلى الماضي، لأننا الآن كبرنا ومرضنا".
وبعد أن تزوجا بـ25 يوماً عفا عنهما والد عائشة، وعادا إليه، ولكنهما لم يقيما مراسم زفاف، ولم ترتدِ عائشة فستانها الأبيض، وظلت هذه الحسرة في قلب عائشة حتى تعدّت السبعين عاماً بعمرها.
وقبل عامين انتقل محمد وعائشة إلى مركز دار العجزة، التابع لبلدية توزلا، وعندما سمع من حولهما ورئيس البلدية قصة حياتهما قرروا أن يقيموا لهما حفلة زفاف، يجددوا بها زواجهما.
وبعد 62 عاماً من الزواج أتى اليوم الذي وضعت عائشة على رأسها تاج الورود، لبست الفستان الأبيض، ولبس محمد بدلة العريس، وبحضور أبنائهما الأربعة، وكذلك أحفادهما الـ13، وأقيمت مراسم الفرحة، وجدد مراسم زفافهما رئيس بلدية توزلا، ورفعت عائشة عقد زواجها ملوحة به والابتسامة على وجهها، ولم تنس أن تدهس على رجل زوجها الذي عبّر عن حبه الكبير لزوجته.
قطع العروسان الكيكة، ورقصا كثيراً برفقة أولادهما وأحفادهما وأصدقائهما من دار المسنين، وقالت ابنتهما ضاحكة وهي تحمل طفلة في حضنها "أنا الآن أحمل حفيدتي في حضني، وابنتي المتزوجة تقف بجانبي، وأمي بالداخل عروس".
وفي نهاية العرس وقفت العروس والتفّت لتلقي باقة الورد، التي تهافت عليها عجائز الدار، وعندما أمسكتها إحداهن عبّرت عن فرحتها وقالت "سيأتي دوري أنا أيضاً".
وبعد أن انتهوا من حفلة العرس ركب العريسان سيارتهما، التي زُينت بالشرائط البيضاء، وتوجّها لقضاء شهر العسل في منطقة تتواجد بها المياه الكبريتية للشفاء، وكان شهر عسلهما هدية مقدمة من بلدية توزلا.
نتمنى لهما حياة مليئة بالسعادة، وكما يقول المثل التركي "لتكبرا معاً على وسادة واحدة".