ظننتُ أن زوجتي ماتت بعد أن انبعثت منها برودة قوية في أثناء النوم".
هذه التجربة المفزعة عاشها زوجان وعرضاها في تقرير لصحيفة "الديلي ميل" البريطانية، بعد أن اكتشفا أن السبب هو ظاهرة غريبة تتميز بها النساء عن الرجال.
ويوضح الزوج: "غفوت أنا وزوجتي بعدما غازل أحدنا الآخر، محفوفَين بدفء حبنا. لست واثقاً بأي ساعةٍ استيقظتُ بالتحديد، لكنِّي أتذكر بوضوح البرودة التي شعرتُ بها. كان الأمر كأن أحداً وضع قوالب ثلج داخل اللحاف الذي نتدثر به. اقشعر بدني، وكانت معدتي وفخذي يواجهان شيئاً بارداً وصلباً".
هل أجسام النساء أكثر برودة من الرجال؟
تقول كلير موريسون، طبيبة بصيدلية ميدإكسبريس الإلكترونية: "درجة الحرارة الكلية لأجساد النساء أقل بصورة طفيفة من الرجال".
وتوضح السبب في ذلك قائلة، إنَّ "النساء عادةً يكون لديهن مساحة سطح جلدية أصغر يفقدن منها الحرارة، وعضلات أقل، وتكون عملية التمثيل الغذائي لديهن أبطأ، وهذا يعني أنَّ كل بشرتهن بصورةٍ عامة تكون أكثر برودة بقليل من الرجال. وكل هذا يفسر سبب شكوى الرجال من أنَّ ملمس شريكاتهن يبدو كقالب جليد في أثناء النوم".
وتختلف درجة حرارة الجلد في مختلف أنحاء الجسد، وتتراوح في منطقة الجذع بين 33.5 و36.9 درجة مئوية. وتصبح درجة الحرارة أقل في الأجزاء البارزة أو المنحنية مثل الأنف والأصابع.
وكلما زادت الدهون الموجودة في منطقةٍ ما، انخفضت درجة حرارة الجلد عندها، وهذا هو السبب الذي يفسر برودة مؤخرات النساء.
الرجال كالإنسان الآلي والنساء كالكمثرى
يقول كولين كروسبي، مستشار في الطب الرياضي والبدني بمستشفى "بي إم آي هندون"، إنَّ "التباين في توزيع الدهون يُعَد نقطة اختلاف رئيسية بين الرجال والنساء. فالرجال لديهم ما يعرف باسم بنْية الإنسان الآلي؛ إذ توجد معظم دهون الجسم في منطقة أعلى الخَصر".
وأضاف أنَّ "النساء يتمتعن ببنْية جسد أنثوية (يميل إلى شكل الكمثرى)؛ إذ تتوزع دهون الجسم أسفل الخصر، وحول الأرداف والفخذين".
ويبرز هذا الاختلاف عند سن البلوغ، نتيجة للهرمونات الذكورية والأنثوية. ويعني وجود مزيد من الدهون في موضع ما بالجسم، أنَّ الجلد أو البشرة في ذلك المكان تكون أكثر برودة.
لماذا تعد المؤخرات الباردة ميزة للنساء؟!
تمنح الأرداف الكبيرة والأكثر برودةً النساء ميزةً تطورية؛ إذ تُخزِّن الدهون التي يمكن أن توفر المغذيات في فترة الحمل وبعدها. وقال كولين إنَّ "تراكم كميات كبيرة من الدهون بشكل واضح يُعرف بكبر الكَفَل".
يقول موريسون إنَّ "أجساد النساء ربما تكون أقل كفاءة في إنتاج الحرارة، لكنَّها أكثر تطوراً لتحافظ على درجة الحرارة الأساسية. وهذا لضمان أن يبقى الجنين متمتعاً بالدفء الكافي حين تكون المرأة حاملاً، حتى وإن انخفضت درجة حرارة المحيط الخارجي".
ويضيف: "للمساعدة في تحقيق هذا الهدف، فالنساء لديهن مزيد من الأنسجة الدهنية، على الأخص عند المعدة والمؤخرة، للحماية من فقدان الحرارة".
لماذا تكون مؤخرات الرجال أدفأ؟!
يتمتع كلٌ من الرجال والنساء بوجود عضلات ألوية كبيرة وقوية بمؤخراتهم، لكنَّ الرجال لديهم نسبة أكبر من العضلات.
يقول كولين: "الدورة الدموية تختلف في العضلة عنها بالمناطق ذات الدهون. فهناك أوعية دموية أكثر في العضلة، والتي تستهلك طاقة أكبر؛ ومن ثم ترتفع حرارتها". وبما أنَّ الرجال لديهم نسبة أكبر من العضلات عن الدهون، تكون حرارة مؤخراتهم أكثر ارتفاعاً.
كلما تقدمت النساء في العمر أصبحت أجسادهن أكثر برودة
يقول كولين إنَّ "باقي أجزاء الجسم تصبح أكثر برودة؛ لأنَّ تدفُّق الدم يكون أبطأ مع التقدم في العمر".
وأضاف: "النساء لديهنَّ تدفق دم أبطأ ونِتاجٌ قلبيّ أقل من الرجال على أي حال. وبغض النظر عن آثار هرمون الإستروجين بعد انقطاع الطمث، من الممكن أن يكون تدفق الدم لدى النساء أقل من الرجال".
وتدفُّق دم بشكل أقل يعني حرارةً أدنى في الأطراف.
وقال الطبيب كليف سبينس جونز، استشاري التوليد: "نعلم أنَّ هناك تغيرات بالأوعية الدموية تحدث للنساء في سن اليأس. ونعتقد أنَّها ناجمة عن الفورات الساخنة التي تتعرَّض لها النساء بسبب التقلبات في مستويات الهرمونات".
وفي حين أنَّه ليس من المعروف كيف يؤثر هذا على المؤخرة، فإنَّ ضبط حرارة الجسم يصبح أقل فاعلية في نهاية المطاف، وهو ما قد يزيد مشاكل البرودة القائمة سوءاً.
ممارسة التمارين يمكن أن تزيد المشكلة سوءاً
تقول الزوجة المشارِكة في كتابة التقرير: "ربما تعتقدين أن حصة تدريبية شاقة قد تجعلكِ متوهجةً أكثر من الأخريات، ولكن لا يبدو الأمر كذلك. فقد اختبرتُ الأمر بالركض مسافة 3 أميال (5 كم تقريباً) ووجدتُ أنَّ درجة حرارة مؤخرتي ظلَّت متجمدة، رغم أنَّني كنتُ دافئةً للغاية".
وقال كولين: "إنَّه علمٌ دقيق وواضح للغاية. يتحدَّد تدفق الدم بما تفعله. في أثناء الراحة، سيكون هناك القدر نفسه من الدم المتدفق إلى الدهون والعضلات. وفي أثناء ممارسة الرياضة، ستكون هناك زيادة بنحو 5 إلى 10 أضعاف في تدفق الدم إلى العضلات وتدفق أقل كثيراً إلى الدهون، ونتيجة ذلك لن تزداد حرارة المؤخرة بقدرٍ كبير".
وعامل آخر يزيد حرارة بشرتنا في أثناء ممارسة الرياضة، وهو التعرُّق، الذي يحدث كي تتمكَّن أجسامنا من التخلص من الحرارة الزائدة.
وأضاف كولين: "يُنتِج التعرق سطحاً لامعاً من الماء على مختلف أجزاء الجسم؛ ومن ثَمَّ تتمدد الأوعية الدموية على سطح الجلد، وهو ما يزيد حرارة هذه المنطقة. ويؤدي هذا إلى تبخُّر العَرَق والحفاظ على درجة حرارة الجسم، وفي هذا العَرَق المتبخر تفقد الحرارة".
لكنَّ البشرة في منطقة المؤخرة يكون الدم بها أقل تدفُّقاً والغدد العرقية أقل عدداً؛ ولذلك لا تزداد درجة حرارة المؤخرة بالطريقة ذاتها.
المصدر: هافينغتون بوست