تتلقى أجهزة الأمن المصرية معلومات تفيد بالاشتباه في إقامة تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) معسكرا تدريبيا في صحراء أبو رواش بمحافظة الجيزة غربي القاهرة، لكن سرعان ما يتبين للأجهزة المعنية أن الحديث يدور عن تصوير فيلم سينمائي جديد يحمل اسم “دعدوش”.
بعيدا عن مشاهد الذبح والتفجيرات البشعة التي يرتكبها داعش، يصور الفيلم الذي بدأ عرضه 23 أغسطس/ آب المنصرم حياة أعضاء التنظيم في قالب كوميدي ساخر يقدم الجانب الكاريكاتيري للدواعش ويوضح “خداع ونفاق هذا التنظيم”، بحسب ما أكده صناع العمل للأناضول.
وعلى أنغام الأغنبية الإسبانية الشهيرة “ديسباسيتو” يرسل الفيلم عبر أغنية “دعاديشو” رسالة للتنظيم الإرهابي باللهجة العامية المصرية يؤديها أبطاله، يقول مطلعها “دعاديشو.. عدى زمانكو خلاص مفيشو.. كل اللى منكو اتقص ريشه”، في إشارة إلى نهاية التنظيم، واستئصال شأفته.
ويشارك في بطولة “دعدوش” المشتق اسمه من التنظيم الإرهابي، هشام إسماعيل، وياسر الطويجى، وكريم أبو زيد، وعمرو عبد العزيز، ومدحت تيخة، وميريهان حسين، وبدرية طلبة، وإيمان سيد، وأمير صلاح، وهو من تأليف السيناريست المصري، ساهر الأسيوطي، وإخراج عبد العزيز حشاد.
ويعتبر حشاد في حديث لمراسل الأناضول أنه يقدم عملا كوميديا خفيفا، مضيفا “لا أتصور أنه ينبغي العامل مع تنظيم داعش بجدية مفرطة، فهو ظاهرة شديدة التطرف تصل إلى حد الكوميديا”.
ويضيف مخرج الفيلم الذي بلغت إيراداته 128 ألف جنيه فقط (7250 دولارا تقريبا) خلال يومين من عرضه “السخرية هي الطريقة المناسبة للتعامل مع تنظيم داعش رغم البؤس الذي يخلفه وراءه”.
وحقق “دعدوش”، في اليوم الأول لعرضه 61 ألف جنيه (نحو 3460 دولار) وفى الثانى 67 ألف جنيه (3800 دولار تقريبا).
تفاصيل ومواقف
“دعدوش” تم تصويره في صحراء عدة دول عربية: مصر ولبنان والأردن وعُمان.
وفي مصر جرى التصوير بين صحراء أبو رواش، ومناطق متفرقة بديكور الحارة في استوديو مصر بالقاهرة (أول ستوديو برأس مال مصري مئة بالمئة تأسس عام 1935).
وعن العقبات التي واجهت الفيلم الساخر، قال المؤلف ساهر الأسيوطي، في تصريحات صحفية، إن أكبر مشكلة واجهتهم في بدايات التصوير عندما ظنت القوات المسلحة أن هذا معسكر لتنظيم إرهابي في الصحراء، ثم بعد ذلك اتضح أنه تصوير لفيلم سينمائي.
وأشار الأسيوطي، إلى أن الفيلم يتحدث عن تنظيم “داعش”، وتفاصيل حياة المنضمين له بشكل ساخر بعيدا عن الصور المؤلمة، في إشارة إلى ما يرتكبه التنظيم من عمليات ذبح وتفجير بشعة.
وأوضح أنه بدأ تنفيذ الفكرة فى مايو/ أيار 2015، وبدأ التصوير فى أكتوبر/ تشرين أول 2015، وتم توقف التصوير لظروف إنتاجية.
وكشف مؤلف الفيلم أن فريق العمل شعر بالقلق قبل بدء التصوير، بسبب تعرضه لتنظيم “داعش” بشكل ساخر، مستدركا “كان لابد أن نضحك الناس، ولا نقبل فكرة الرعب من داعش”.
“+12″
وصنف جهاز الرقابة بمصر (حكومي مختص بمراقبة الأعمال الفنية)، مؤخرا فيلم “دعدوش” ضمن فئة “+12″ عامًا، وهو ما يعني أن الأطفال ممنوعون من مشاهدته.
وهو الأمر الذي اعتبر بطل الفيلم، الفنان هشام إسماعيل أنه “أصبح أمرا نمطيا ولا يؤثر على مشاهدة الأفلام”.
وأوضح أن “دعدوش فيلم أسري بشكل كامل، ولكن قد يكون التصنيف لأن الأطفال لن يفهموا ما هو تنظيم داعش”.
وقال إسماعيل في تصريحات لصحيفة الأهرام (حكومية)، إنه “سعيد بتناول قضية مهمة يتابعها العالم بشغف، وهي تنظيم داعش الإرهابي، لكن بشكل كوميدي ساخر يوضح خداع ونفاق هذا التنظيم”.
وأكد هشام أن السينما لها دور مهم في توصيل الرسالة للجمهور، ويجب أن تكون هناك رسالة يتضمنها أي عمل فني، مشيرًا إلى أن رسالة “دعدوش” هي فضح التنظيم وإظهار كذبه في قالب ساخر.
الفن يواجه الإرهاب
وعن فكرة مواجهة تنظيم “داعش” فنيا، تقول ماجدة موريس، الناقدة الفنية البارزة، في حديث للأناضول، إن الفن السينمائي قادر على مواجهة ظاهرة الإرهاب، مؤكدة أن السخرية شيء مهم ومؤثر في هذا السياق.
وتشير موريس إلى ضرورة توافر شروط بعينها في المواجهة السينمائية مع تنظيم داعش من بينها أفكار واضحة، وأفلام جيدة على أعلى مستوى، حتى تثمر عن نتائج مؤثرة.
ويعد “دعدوش” ثاني الأفلام المصرية التي تتعرض للتنظيم الإرهابي في قالب ساخر، عقب فيلم “القرموطي في أرض النار” الذي عرض في مايو الماضي، بطولة الفنان الكوميدي المصري أحمد آدم.
وتناول الفيلم الأول بشكل كوميدي وقوع القرموطي (شخصية كوميدية ابتكرها أحمد آدم) في قبضة تنظيم داعش الإرهابي أثناء سفره لقضاء أجازة، وتتوالى الأحداث في مواجهة القرموطي للتنظيم.
والتنظيم الإرهابي تأسس عام 2013، وسرعان ما انتشر بوتيرة سريعة في كل من العراق وسوريا في عام 2014، قبل أن تتآكل مساحة سيطرته بشكل متسارع خلال العام الجاري.