لاشك أن موريتانيا كغيرها من بلدان العالم، تعاني من مخاطر التغير المناخي، الذي بدأت تأثيراته المرتبطة، تظهر في تراكم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي بفعل النشاطات البشرية.
وتلتزم موريتانيا بوصفها طرفا في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ"، بأن تعد دوريا تقريرا وطنيا، بموجب الفقرتين 0 من المادة 4، و 0 من المادة 02 من الاتفاقية المذكورة.
وقد حمل التقرير الوطني حول تغير المناخ في موريتانيا الذي صدر مؤخرا، تصورا عن إشكالية ظاهرة التغير المناخي، ويقترح جملة من الحلول العملية على شكل برامج للتأقلم مع التغير المناخي، وللحد من كمية غازات الاحتباس الحراري، من خلال إعطاء تصور عن كمية هذه الغازات التي يمكن تفاديها في أفق 2030 وما يلزم القيام به لتحقيق هذه الأهداف من وسائل مادية ومعنوية.
وبما أن موريتانيا بلد نامي، كان لابد لها من البحث عن شركاء وممولين لاستراتجياتها وبرامجها الوطنية الهادفة للحد من التغير المناخي، وانعكاساته السلبية، المتمثلة في نقص المياه والمواد الغذائية.
وفي هذا الإطار، اعتمدت الحكومة استراتجيات وطنية على المدى القريب والبعيد، من شأنها التخفيف من تداعيات التغير المناخي، وذلك من خلال تعزيز قدرات المصالح والقطاعات الحكومية من اجل معالجة تغير المناخ في مختلف القطاعات والنشاطات الاقتصادية.
وفي هذا السبيل، أطلقت الحكومة برنامج "التحالف ضد تغير المناخ" في العام 2014، يرمي إلى تمكين السلطات على المستويين المحلي والجهوي- من إدماج البعد المناخي في السياسات التنموية، عبر مواكبة، وتنظيم خدمات الدعم في مجال المناخ، والتحسين من قدرات السكان المحليين من التكيف مع تغير المناخ .
وتتمحور أنشطة هذا البرنامج المنفذ وفق مقاربة تشاركية، بين التعاون الألماني وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية بتمويل من الاتحاد الأوروبي، إلى تعزيز القدرة على التنبؤ في مجال الأرصاد الجوية وتغير المناخ لفائدة المصالح الفنية التابعة للأرصاد الجوية والتنمية الريفية والبيئة، وذلك من أجل تسيير أمثل لبرمجة البيانات المتعلقة بتغير المناخ.
واستطاعت موريتانيا، بفضل التمويل الخارجي إلى تخفيض الانبعاثات الغازية، وترقية موارد الدولة من الطاقة المتجددة، وفي إنتاج الطاقة الذاتية، بالإضافة إلى وجود برنامج طموح للإنتاج التراكمي لقرابة 100 "ميكاوات" من الطاقة الشمسية من المقرر أن يكتمل انجازه قبل نهاية السنة الجارية.
كما أنشأت الحكومة، محميات طبيعية تضم أنواعا عديدة من الكائنات الحية، ضمن سياستها للمحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي، وكذا في ميدان الحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.
وبفضل التمويلات الخارجية للحكومة الموريتانية في مجال سياساتها لمواجهة التغيير المناخي، أطلقت عدة مشاريع، حول الرؤية الوطنية للتقليل من غازات الاحتباس الحراري من 22,3 بالمائة في أفق 2030، ومنها مشروع الحزام الأخضر لحماية العاصمة من زحف الرمال.
ومع أن موريتانيا صادقت على المعاهدات والاتفاقيات التي من شأنها الحد من التغير المناخي منذ العام 1992-2012 في اريو و2002 في جوهانيسبورغ وكوبن هاغن 2009 ودربان 2011 ونيويورك 2015و2016 ومراكش 2016، إلا أن هناك قصورا في العمل بين الفاعلين الحكوميين والمحليين ومكونات المجتمع المدني والقطاع الخاص، الأمر الذي يحول دون الوصول إلى رؤية إستراتيجية متبصرة، تتماشي مع حجم التحديات والتكيف مع الآثار المناخية الضارة، خاصة أن موريتانيا تحصل على تمويلات كبيرة، سواء من الاتحاد الأوروبي أم الأمم المتحدة أو منظمات أخرى، بهدف إيجاد مبادرات مختلفة، كالدعم المؤسسي وتعزيز قدرات المصالح العمومية وترقية الطاقات المتجددة واعتماد نظام إنتاج زراعي ورعوي.
وعلى الحكومة الموريتانية إذا أرادت لسياساتها في مواجهة التغيير المناخي النجاح، فإنه عليها معالجة التغير المناخي من خلال التخفيف، والتكيف كأولوية على المستوى المحلي، والاستفادة من الاستراتجيات الدولية في هذا المجال، وتبادل النتائج مع نظيراتها، والنشر عبر وسائل الإعلام، إضافة الى تعزيز التنسيق والتعاون بين المؤسسات ومجموعات البحث حول زيادة الكفاءة والاستغلال الأمثل للموارد، وكذا وضع إستراتيجية وآليات لتعزيز الروابط المدمجة للبحث و السياسة لضمان توجيه برنامج البحوث في صنع القرار، و إشراك الأطراف المعنية، ولا سيما المجتمعات الضعيفة في عملية التنمية، مع تحديد وتنفيذ آليات التمويل على المستوى الإقليمي والمحلي.
المهدي ولد لمرابط