بيرام: الرق في موريتانيا نمط حياة وحظوة شرف وسلاح سياسي واقتصادي

جمعة, 02/12/2022 - 19:09

2 دجمبر، اليوم العالمي لإلغاء الرق

خطاب النائب بيرام الداه اعبيد، رئيس مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا)، نواكشوط، موريتانيا

الرق في موريتانيا: نمط حياة، وحظوة شرف، وسلاح سياسي واقتصادي

تعتبر الجمهورية الإسلامية الموريتانية آخر بلاد تلغي الرق، سنة 1981، قبل تجريمه المتأخر سنة 2007، بيد أن اضطهاد المناضلين الانعتاقيين واصل دربه من سنة 1970 إلى يومنا هذا. 62 سنة بعد الاستقلال، وبالرغم من التقدم المعتبر في الترسانة القانونية، يظل الواقع موسوما بإنكار الظاهرة وبعدم اكتراث السلطات العمومية بمصير الضحايا، ما أرغمهم على الدفاع عن النفس بوسائلهم المتواضعة دون أي لجوء إلى دولة محكوم عليها، في نهاية المطاف، بإعادة إنتاج التفاوتات بالمولد من خلال جهاز أمن وجهاز عدالة قليلا ما يتقبلان قيّم المساواة.

إن موريتانيا، المصنفة على رأس لائحة الدول التي تحتضن أعلى نسب الاسترقاق بالمولد، وتحت قيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، ما تزال ترفض الاستجابة لنصائح المقررين الأمميين الخاصين بأشكال الرق العصري، خاصة إحصاء الضحايا المباشرين أو غيرهم. وإن النخبة الرجعية الحاكمة منذ 1978 ما تزال تواصل حربها الشعواء ضد المناضلين من أجل الإنصاف كما تشهد على ذلك ديمومة الاعتقالات والتعذيب والإقصاء الفئوي على جميع مستويات الاقتصاد والإدارة العمومية. يتعلق الأمر هنا بلا إنسانية بنيوية تتجاوز، في مدتها وثقلها، وثبة التطرف الديني، بل تتداخل معه في تبرير استغلال الانسان للإنسان. هذا المكر ساهم في بناء نفس الازدراء تجاه السكان الأصليين المنحدرين من مجتمعات جنوب الصحراء، فلم تعد تنجو من عقلية وممارسة إقصاء الفئات الدنيا أية مكونة من مكونات الشعب الموريتاني. ولا تتوانى آثار ذلك عن وضع ميسمها على حاضر العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الناطق بالبولارية وكذا الناطقين بالسونينكية والولفية والبمبارية. لقد لاحظت ذلك على الميدان خلال جولاتي الأخيرة داخل البلاد خاصة في كيديماغا.

وبالرغم من وعي هذه الأغلبية الديمغرافية، القابعة منذ أمد طويل في مشنقة شبه مقدسة تَعِدُ الخدام المطيعين بالفردوس، فإن الأغلبية، وحتى كافة البلديات والمقاطعات والدوائر التشريعية في موريتانيا، تجسد فوقية الزعامة المبنية على النبل المتخيل، على حساب المواطنة. وإن غربال الحالة المدنية التمييزية، والحرمان من الوصول إلى ملكية الأراضي الزراعية، وثقل المجاعة، وعدم التمدرس الشامل، أمور تؤخر حكم صناديق الاقتراع.

وعلى أرض أسلافهم، تم اختزال الحراطين، المنحدرين من مجتمع العبيد، في مجرد قوة لمساعدة النظام السحيق الذي يخضعهم. إن أناسا ممنوعين من أي بدائل خارجا عن الخضوع للمعايير القديمة، يظل يحدوهم الأمل، وهنيهة يفقدون صبرهم، ثم ينتهي بهم الأمر إلى التخلص من نزعة الاستعداد لمقاساة الظلم. تلك اللحظة، لحظة القطيعة مع المسلكيات، نتمناها، وننتظرها، ونستعد لها، مسلحين بأفكارنا وبرسوخ قدمنا في النضال المسالم والسلمي.  فلا المضايقات، ولا التهميش المادي، ولا تحريم أحزاب النهضة الإفريقية –كما هو حال الحزب الراديكالي من أجل عمل شامل (الرك)- ستنجح في إرجاء يوم جردة الحساب.

وهكذا، فإننا نحتفل اليوم، ونحن مرتاحون بقدرية تدفق حركة التاريخ، باليوم الدولي لإلغاء الرق في جو مزدوج من المثابرة واليقين. ونبقى متشبثين بالحوار، لكننا على يقين تام أن انتزاع الحقوق البشرية يكمن، قبل كل شيء، في الكفاح والثبات عليه.
نواكشوط ٢ دوجمبر ٢٠٢٢