بعودة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز أمس، قادماً من مستشفى أمراض القلب، إلى منزله بمقاطعة لكصر شمال العاصمة، تحت إجراءات أمنية مشددة، تنتهي حلقة وتبدأ حلقة أخرى من حلقات مسلسل هذا الرجل المثير للجدل، والمتهم، على أساس تحقيق برلماني، بالفساد المالي وبتبييض الأموال وبسوء استخدام السلطة خلال فترة حكمه لموريتانيا ما بين 2009 و2019.
ويعود الرئيس السابق للإقامة الجبرية في منزله بدل معتقله بمدرسة الشرطة الذي قضى فيه ستة أشهر، محكوماً بمسطرة إجراءات كلف قاضي التحقيق الإدارة العامة للأمن بالسهر عليها، وهي الإجراءات نفسها التي أخضع لها عقب توقيفه، والتي من بينها عدم التغيب عن السكن المحدد من طرف التحقيق، وعدم مقابلة الأشخاص باستثناء أفراد أسرته وهيئة دفاعه وطبيبه الخاص. وحدد قرار قاضي التحقيق الذي اطلعت «القدس العربي» على نصه، «عدم تغيب المتهم عن المنزل والسكن المحدد من طرف التحقيق والمتمثل في سكنه الاعتيادي في منزله في مقاطعة لكصر، إلا بعد إذن فريق التحقيق، أو للضرورة القصوى المتعلقة بالظروف الصحية أو الشعائر الدينية في حدود ولاية نواكشوط الغربية، أو استجابة للاستدعاءات التي توجهها له السلطات القضائية، والالتزام بعدم لقاء الأشخاص لقاء الأشخاص باستثناء أفراد أسرته وعائلته وهيئة دفاعه وطبيبه أو طاقمه الطبي المباشر له، وعدم القيام بأي نشاط يمكن أن يؤثر على صحته أو يؤدي إلى مضاعفات أو إرهاق ذهني أو بدني، مع التقيد التام بالتعليمات والتوصيات التي يقدمها الأطباء والخضوع للعلاجات التي يقترحونها».
وألزم قاضي التحقيق «الطبيب أو الأطباء المشرفين على متابعة المتهم باتخاذ كافة الإجراءات من أجل التكفل التام بالمتهم وإبلاغ التحقيق بحالته الصحية ومدى تقيده بالتوصيات الطبية».
كما ألزم الرئيس السابق «بالاستجابة للاستدعاءات الموجهة إليه من طرف القضاء أو الضبطية القضائية المشرفة على تنفيذ بنود هذه المراقبة القضائية، مع تقديم جواز سفره للضبطية المذكورة مقابل وصل».
وجاءت هذه التطورات متزامنة مع زوبعة أثارتها الوضعية الصحية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حيث أكد نجله بدر عبد العزيز وفريق دفاعه، بأن «مسار علاجه الحالي تصفية جسدية له، وبأنه يجب نقله لمصحات خارجية متطورة لمتابعة العلاج».
وأكدت إدارة مستشفى أمراض القلب بنواكشوط، في بيان نشرته أمس، «تحسن حالة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز واستجابته للعلاج الذي يخضع له في المركز، بعد أن ظهرت سلسلة تحاليل وفحوصات مراقبة أجريت له يومي الأربعاء والخميس الماضيين استقرار وضعيته وتماثله للشفاء».
وأثار تفريق شرطة مكافحة الشغب لتجمع احتجاجي نظمه أفراد من أسرة الرئيس السابق أمام مستشفى أمراض القلب، ردود فعل انتقدت الطريقة العنيفة التي أخلت بها الشرطة بوابات المشفى.
وتسبب هذا التفريق في حرب بيانات بين زعيم المعارضة والحزب الحاكم، حيث انتقد إبراهيم البكاي الزعيم الرئيس للمعارضة الديمقراطية في موريتانيا، في بيان، أصدره أمس «قمع الشرطة لأنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز».
ويشغل هذا الملف نظام الرئيس الغزواني كما ينشغل الرأي العام الموريتاني به، مستنكراً طول الفترة التي استغرقها التحقيق، وعدم محاكمة الرئيس السابق وسجنه بجرائم الفساد التي ارتكبها خلال فترة حكمه.
هذا، ووجهت النيابة العامة، في 11 مارس / آذار الماضي، إلى محمد ولد عبد العزيز الذي حكم موريتانيا من 2009 حتى 2019، وإلى 12 من أركان حكمه تهماً، بينها غسل أموال ومنح امتيازات غير مبررة في صفقات حكومية، وهو ما نفى المتهمون صحته.
وفي الرابع من نيسان/إبريل الماضي، قرر القضاء تجميد ممتلكات المتهمين بمن فيهم الرئيس السابق، وفرض إقامة جبرية على ولد عبد العزيز في منزله بالعاصمة نواكشوط، مع إلزامه بالتوقيع لدى الشرطة ثلاث مرات أسبوعياً، قبل أن تتم إحالة الرئيس السابق للسجن بحجة عدم احترامه لإجراءات الإقامة الجبرية.
وغادر ولد عبد العزيز السلطة منتصف عام 2019، قبل أن تعاجله لجنة تحقيق برلمانية بتحقيق أثار شبهات حول تورطه في عمليات فساد، حيث أحيل التقرير للنيابة العامة في آذار/مارس الماضي، ووجهت للرئيس السابق بموجبه وبعد بحث ابتدائي، تهماً بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع.