موريتانيا في مراسلات كلينتون المسرّبة

خميس, 15/10/2020 - 15:51

 ورد ذكر موريتانيا 56 مرة ضمن 53 ألف رسالة مسربة من بريد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، وهي قائمة الرسائل التي نشرت على موقع وزارة الخارجية الأمريكية في مايو من عام 2015، وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رفع السرية عنها في السابع من أكتوبر الجاري.

وتضمنت هذه المراسلات حديثا عن محاولة لثني الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز عن زيارة ليبيا في 2011، ولقاء سري بين قادة أمنيين جزائريين وقادة من القاعدة في الشمال الموريتاني، كما تحدثت مراسلات أخرى عن «سوء استخدام جسيم» لتمويلات الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا في موريتانيا، إضافة إلى نشاط حركة القاعدة في منطقة الساحل.

زيارة عزيز إلى ليبيا

كشفت مراسلة بين موظفين في وزارة الخارجية الأمريكية، بتاريخ التاسع عشر من مارس عام 2011، محاولة الولايات المتحدة وحلفائها إقناع الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، بعدم زيارة ليبيا آنذاك.

وجاء في المراسلة، التي نشرت ضمن ملف الإيميلات المسربة لهيلاري كلينتون، طلب الولايات المتحدة من سفيرها في نواكشوط، ومن جميع البعثات الدبلوماسية الأمريكية في الدول الإفريقية المعنية بالملف الليبي حينها، التواصل مع رؤساء تلك الدول لثنيهم عن زيارة ليبيا. 

كما ورد في المراسلة طلب واشنطن من سفيرها في أديس أبابا آنذاك، دون بوث، التواصل مع رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، ملس زيناوي، ليتصل بولد عبد العزيز، وجان بينغ، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي الذي كان في زيارة لنواكشوط حينها، ويحثهما على إيقاف الرحلة المقررة إلى ليبيا، وذلك لعدم إمكانية تأمين الزيارة وسط إغلاق المجال الجوي الليبي بناء على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1973.

ولم تثن المحاولات الأمريكية الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، ونظيره الكونغولي دنيس ساسو نغيسو، عن زيارة ليبيا، حيث وصلا إلى طرابلس في الحادي عشر من إبريل عام 2011، ضمن وفد وساطة إفريقية لحل النزاع الليبي، والتقيا آنذاك مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في طرابلس، ومع أعضاء المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي.

تقارير استخباراتية

في مراسلة أخرى، بتاريخ التاسع عشر من يناير 2013، نقل مصدر مطلع من داخل الجيش الجزائري أن ضباطا من دائرة الاستعلام والأمن الجزائرية كانوا يخططون آنذاك للقاء سري عاجل، في الشمال الموريتاني، مع مختار بلمختار وبعض من قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. 

وكان مسلحون تابعون للتنظيم قد شنوا هجوما على وحدة إنتاج للغاز في عين أمنّاس جنوب شرقي الجزائر، قبل أن تتدخل قوى من الجيش الجزائري لإنهاء الأزمة في عملية عسكرية قتل أثناءها إثنان وثلاثون مُسلحا من التنظيم، وثلاثة وعشرون رهينة من أصل مئات الرهائن الذين احتجزهم المسلحون وقتلوا ثمانية منهم في الهجوم على وحدة الإنتاج.

وجاء ذكر موريتانيا، أيضا، في تقارير استخبارية ضمن مراسلة بتاريخ الثاني من مايو 2011، حيث نقلت المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية، وجهاز الاستخبارات البريطاني، أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي اقتنى عشرة صواريخ من طراز SAM-7 ضمن صفقة لشراء أنظمة دفاع جوي محمولة مهربة من ليبيا. 

وأشارت التقارير حينها إلى أن اقتناء القاعدة لتلك الصواريخ يشكل تهديدا خطيرا للمجال الجوي وحركة الطيران فوق جنوبي المغرب، الجزائر، شمالي مالي، غربي النيجر، وشرقي موريتانيا.

كما ورد ذكر موريتانيا في تقارير استخبارية أخرى تحدثت عن اتفاق أبرم في مايو من عام 2012 بشمال مالي، بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وبوكو حرام وشباب المجاهدين في الصومال؛ لإطلاق المرحلة النهائية من مشروع ينوي إقامة "خلافة" عبر شريط حدودي يمتد من جنوب السودان، مرورا بليبيا، وانتهاء بموريتانيا.

سوء استخدام التمويلات

مراسلة أخرى في مجموعة الإيميلات المسربة لهيلاري كلينتون، بتاريخ الرابع عشر من يناير عام 2011، ورد فيها بيان صحفي للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا؛ حيث أشار القائمون على الصندوق إلى سوء استخدام جسيم للتمويلات في كل من جيبوتي، مالي، زامبيا وموريتانيا.

وطالب المفتش العام للصندوق آنذاك باستعادة أربعة وثلاثين مليون دولار مفقودة من أصل ثلاثة عشر مليار دولار صرفت في تلك الدول. 

وأكد المفتش العام للصندوق آنذاك، جون بارسونز، أن هناك متابعات جنائية جارية في موريتانيا ومالي وزامبيا للتحقيق في قضايا فساد واحتيال مالي. كما نبه إلى اتخاذ الصندوق تدابير خاصة لمراقبة سير تمويلاته في موريتانيا.

وحوت بعض المراسلات في بريد هيلاري كلينتون جداول بأسماء دول من بينها موريتانيا، لكن محتوى تلك الجداول بقي محجوبا. وبينما أفصحت الخارجية الأمريكية، استنادا على قانون حرية المعلومات الأمريكي، عن المحتوى الكلي لأكثرية الرسائل المسربة، فقد بقيت أجزاء من رسائل أخرى تحت غطاء السرية.