النص الكامل لتقرير حركة ايرا عن العدالة في موريتانيا

أحد, 14/06/2020 - 18:52

مبادرة انبعاث الانعتاق في موريتانيا

تقرير خاص : " العدالة في موريتانيا"؛ 

آفات العنصرية و الاهمال وانعدام المهنية وغياب القانون وانتشار التعذيب و الرشوة 
 
بعد جمع معلومات مفصلة ودقيقة عن العدالة في بلدنا، ارتأينا أن ننير الرأي الوطني حول وضعية الظلم المتفشي في السجون والاستهداف الفظيع والممنهج للسود في موريتانيا.
ان هذا التصور ينطلق من الانطباع الذي يتركه اللون كمحدد لنوعية الجريمة في بلدنا، ما جعل فئة كبيرة من أبناء الشعب مجرّمة بالميلاد حتى يثبت العكس، وفئة أخرى تمتهن الحكم عليها بتطبيق ما يروق لها أنه عدالة. 
 
عدالة اللون:
اعتادت المنظومة العدلية في موريتانيا ان تقسم السجن السيئ بقسط بين المواطنين السود، فبسهولة يمكن للمتابع الزائر لسجون الدولة ان يطلع على حجم الفصل العنصري الممارس على نزلاء السجون، وهم ضحايا مسيرة طويلة من التجهيل والإفقار والتهميش والمعاملة السيئة التي يقبعون فيها..
 
الجريمة السوداء:
 يتعامل القضاة بصرامة مع الاجرام الأسود، فيكيلون لأصحابه باندفاع و قسوة عقوبات سالبة للحرية تحمل مواصفات لا تخفي الكره و الانتقام في كثير من الأحيان، خصوصا أنها تصدر عن تشكيلة قضائية من فئة ذات لون موحد، تحاكم بصرامة و غلو متهمين من لون مغاير، مرورا بسلسلة  بيضاء من متعهدي العدل، ابتداء من فترة الحراسة النظرية بمخفر الشرطة، مرورا بوكيل الدولة وقاضي التحقيق، وصولا الى المحكمة، وهي مسيرة لا تعطي للمتهمين السود بارقة أمل.. إنها عين واحدة تنظر الى الفاعلين بنظرة سوداوية تشوه العدالة.
 
عدالة السجن:
نتيجة لعدالة اللون، يقبع في السجون قرابة 2700 سجين غالبيتهم من لحراطين (السواد الأعظم من الشعب الموريتاني، وهي الجماهير المسترقة المنحدرة من قبائل افريقيا غرب-الصحراء)، ولكور(القبائل الأفريقية الغرب-صحراوية الموريتانية الأصيلة)، ونزر قليل من مهمشي البيضان (الخليط الشمال إفريقي العربي-الصنهاجي المستعرب) الذين لا حول لهم  أو الذين لم يجدوا سندا خلال مراحل التوقيف، موزعين على 18 سجنا لا تتوفر على أدنى المواصفات النموذجية لتكون مراكز للإصلاح والتأهيل.. حتى هذه السجون توضح لنا طريقة ايداع النزلاء فيها عنصرية العدالة، كما تؤكده زيارة بسيطة للسجن المركزي بانواكشوط الذي تودع فيه غالبية بيضاء، وسجن دار النعيم الذي يودع فيه الفقراء من السود في وضعية لا إنسانية حيث الامراض والاكتظاظ وانعدام الرعاية الصحية والابتزاز وتحكم الحرس الذي يشرف على حراسة السجون في موريتانيا حيث لا يوجد حرس خاص بالسجون إلى الآن رغم النداءات الحقوقية المتكررة. باختصار سجن للبيض وآخر للسود.
 
محاكمة ظالمة:
عند مثول المتهمين السود أمام قضاة بيض ينعدم أي أمل للمتهمين حيث تكثر الانطباعية والاستهزاء والاستهتار بحقوق المتهمين السود، بل لا أمل في أي انصاف أمام السيل الجارف من الوساطة والمحسوبية والزبونية والرشوة  والابتزاز المادي والجنسي لذوي الموقوفين.
لا يسمح للمتهم بكثير من الكلام، ولا يمنح سوى وقت طفيف لسؤاله عن هويته ولقبه الاجرامي وهل سبق ان أوقف من طرف الشرطة وهل دخل السجن من قبل.. فقط ليحصل تأكيد الانطباع المبدئي بجُرمية المولد والفطرة التي تنطبع في ذهن القاضي. يوجد في موريتانيا 216 قاض من بينهم 10 قضاة سود وثلاث نسوة.. ستمر المحاكمة سريعا من هيأة قضائية مشمئزة وفي غاية الغضب، وبدون نصح ولا ارشاد تَصدُر أحكام لا تراعي الضوابط العدلية للمحاكمة العادلة. وفي غياب تام للشهود من محامين وخبراء، تصدر تلك الاحكام بعقوبات بالغة القسوة أحيانا بإعدام احداث غير بالغين وبسجن طويل لمبتدئين في عالم الاجرام يمكن انقاذهم من وحل الجريمة  ودون مراعاة للظروف الاجتماعية لهم.
 
تحكم القضاة:
بعد النطق بالعقوبة القاسية يتم التحكم في ملفات السجناء من قبل القضاة الذين لا يقومون بتحرير أحكامهم إلا بوساطة أو بعد استعطاف ذوي المدانين.. ورشوة كتاب الضبط الذين يتولون تحرير غالبية الاحكام التي اسند المشرع تحريرها للقضاة فقط.
  وصل الى علم وزير العدل ان مئات الملفات التي عرضت على جنائية انواكشوط الغربية لم تحرر الى تاريخ كتابة هذا البيان، وهي المحكمة التي يتربع عليها منذ 10 سنوات احمد فال لزغم ابن عم الرئيس السابق، ونفس الشيء مع الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف[محكمة الدرجة الثانية] في تشكيلتها التي كان يرأسها القاضي محمد يحظيه ابن عم الرئيس الحالي ورئيس نادي القضاة السابق، وهي الهيأة النقابية الوحيدة للقضاة. هذا القاضي سبق ان وقف ضد دفع محامي الطفلة القاصر المستعبدة غاية مايكا و ساهم قراره بارجاعها تحت نير الاسترقاق بعد فرارها و محاولتها الاحتماء بحركة ايرا. لقد ترك بعد تحويله الى نفس الغرفة بانواذيبو عشرات الملفات عالقة بدون تحرير، وهي الملفات التي يغض ابن عمه المفتش العام عنها الطرف. هذان مجرد مثالين فقط لا يفصلهما عن وزير العدل سوى امتار قليلة. أحيانا يصرح القضاة بعدم إحالة الملف بعد الحكم فيه إلا بعد تنفيذ بعض الالتزامات المادية المحكوم بها كالتعويض للطرف المدني الذي يستفيد من تعاطف وانتصار القاضي له. هناك أمثلة عديدة لتغافل القاضي عن ملفات المتهمين. لقد شجع عدم وجود آجال محددة لتحرير الاحكام الجزائية وعدم ترتيب الجزاء على عدم تحريرها ظلم جسيم لمرتادي العدالة.
 
حرمان من المحاكمة:
عندما لا يقوم هؤلاء القضاة بتحرير أحكامهم فإنهم يمنعون المدانين من حق العرض على درجة قضائية أخرى لن تكون في غالب الأحيان أحسن من الأولى، فغالبا ما تؤكد تلك الاحكام  بل وتزيدها احيانا كما كان يفعل القاضي محمد يحظيه الذي يحكم بقساوة على المتهمين، وفي غياب للمحامين الذين يلزمهم القانون بحضور الجلسات بل احيانا في غياب المتهمين...لكن عرضهم على هذه التشكيلة النهائية سيضع حدا لأملهم في الحرية.. إنها عقوبة الامر الواقع، فأحيانا تنقضي العقوبة دون إحالة الملف الى درجة قضائية أخرى ونفس الشيء مع القرارات التي تصدرها محكمة الاستئناف النهائية التي لا تحيل أحكامها الى المحكمة العليا التي يفترض انها محكمة قانون تراقب عمل المحاكم الأدنى. إنه تحكم في مسار الحكم القضائي بل فرض لعقوبة الامر الواقع..
 
تحويل قسري:
ولَّدت الاحكام الظالمة والقاسية للقضاة اكتظاظ السجون التي لا تتوفر فيها أي موصفات الاصلاح والتأهيل، وعلى الخصوص السجون التي تكتظ بالسود كسجن دار النعيم ذي الغالبية السوداء من لحراطين ولكور. هذه الحالة جعلت وزارة العدل، منذ أعوام، تنتهج طريقة خاصة في تحويل السجناء لتوزيعهم على سجون داخل البلاد كسجن بير أم كرين وسجن ألاك وسجن انواذيبو.
 خلال هذه العملية التي لا يسمح بها القانون إلا وفقا لفهم وزارة العدل، يتم تحويل مئات السجناء الاحتياطيين والمدانين ابتدائيا لإبعادهم عن قضاتهم الطبيعيين ولإبعادهم عن ذويهم الذين يأتونهم بالمؤونة والغذاء، الى سجون الداخل النائية. وسنكتشف فداحة الفعل حين نعلم ان هؤلاء السجناء تخصص لهم الدولة مبلغ 50 أوقية جديدة أي 1.5 أورو للسجين، وهو مبلغ زهيد جدا من ميزانية مديرية السجون البالغة:35,7 مليون أوقية جديدة، هي اضخم ميزانية بوزارة العدل..  العجيب ان هذه الميزانية عجزت الوزارة ان توفر منها باصات صغيرة لنقل السجناء من والى المحاكم. أما الدواء والغذاء فهما سابع المستحيلات، إذ ينهب الغذاء أحيانا بالتقاسم بين وكيل الدولة والمسير وقائد فرقة الحرس في غياب تام للمفتشية وفي صمت التقارير التي يفترض ان تعدها غرف الاتهام وقضاة الحقيق وفي ظل غياب زيارات النيابة العمومية للسجون. يحدث ذلك في تعطيل سافر لمقتضيات المرسوم المتعلق بالسجون الذي ينص على وجود لجنة وطنية ولجان جهوية من القطاعات لتسيير السجون.
 لن ننسى ان نذكر ان وكلاء الجمهورية الـ 15 من بينهم  وكيلين اثنين من لحراطين و ككل موظفي لحراطين المختارين من نظام التمييز على امتهانهم القسوة و الحماس الزائد ضد المتقاضين من بني جلدتهم المستضعفين. وأما قضاة التحقيق فهم 22 قاض من بينهم قاض  تحقيق واحد  أسود بينما تضم غرف الاتهام 4 قضاة كلهم بيض. يكفي هذا لإعطاء صورة عن بشاعة التستر على الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء اثناء عملية النقل والتحويل.
يتم تحويل السجناء في باصات للحرس أو الجيش الى سجون بعيدة ونائية، وقد قضى قبل سنوات بعضهم اثناء عملية النقل وفقد بعضهم أطرافه جراء تلك العملية التي تتم دون مراعاة للسجناء المحتاجين إلى الرعاية الصحية  أو نوعية الفعل الاجرامي: جناية أو جنحة، وأحيانا قبل المحاكمة.. ينقل المسجون الى سجنه الجديد ليبدأ معاناة انتظار وصول ملفه المرهون بمصادقة المحكمة العليا بقرار على تحويله الذي سبق أن نفذ. ومن المفترض ان لا يتم نقل السجين إلا بعد موافقة المحكمة العليا... لذا يبقى السجين معلقا حيث يمنع من تقديم أي طلب بالحرية المؤقتة أمام محكمة سجنه الجديد، ويتذرع قضاته الجدد بعدم وجود الملف، ويمتنع الاصليون عن البت بسبب نقل السجين من عهدتهم ماديا مع علمهم انه لم ينتقل قانونيا لعدم موافقة المحكمة العليا..
لقد أدى هذا الفصل الى فوضى في الملفات والسجناء.. وإلى عملية فساد كبيرة يكتنفها الكثير من الابتزاز المالي والوساطة والزبونية ويقع نتيجتها نقل السجناء الذين لا سند لهم في غياب الصرامة في تطبيق المعايير غير العادلة.
 تبدأ مطاردة الملفات من قبل ذوي السجناء... أمهات وأخوات أو زوجات يتم استغلالهن جنسيا وماديا للإفراج عن أبنائهم أو اخوتهم أو أزواجهم. لا شك ان بشاعة المشهد لن تجعل هذه العملية تنتهي لتهاون القضاة في تحرير الاحكام ولعدم وجود معلومات كافية عن المحولين الى السجون الجديدة.
 
سجن بلا معلومات:
لا تحتوي سجون موريتانيا على أي قاعدة للبيانات او المعلومات. ويؤدي عدم ضبط هويات السجناء الى خلل في المعلومات المطلوبة عن السجين،  فإلى الآن تعجز إدارة السجون عن إعطاء صورة واضحة عن خارطة المدانين والاحتياطين وعن تصنيف السجناء من حيث الجرائم. لم تضع الادارة المعنية بالسجون أي تصور لوضع نظام معلوماتي للسجون وما تزال هويات السجناء ترتكز على معلومات ورقية مستقاة من السجناء وذويهم بصورة أساسية.. نرى مسجونا بلا هوية أحيانا تنتهي محكوميته دون الافراج عنه، وأحيانا تحكم محكمة الدرجة الثانية على السجين دون ان يبلغ حكمه، وهناك حالات عديدة لسجناء انتهت محكومياتهم ولم يخرجوا من السجن لعدم علم المسير والسجين بانتهائها. في ظل كل ذلك ينعدم أي تعويض أو مساءلة عن فداحة الخطأ.
 
عفو رئاسي بطيء التنفيذ:
بتاريخ 22  مايو 2020 أصدر رئيس الجمهورية عشية الاعلان عن عيد الفطر مرسوما رئاسيا يمنح عفوا عن سجناء الحق العام بتخفيض سنة من المحكومية النهائية للسجناء. ورغم ان هذا العفو يمكن ان يطلق عليه المثل الشعبي "العيطة كبيرة والميت فار" إلا انه وإلى هذه اللحظة لم تستطع وزارة العدل تنفيذه لانعدام قاعدة بيانات أو نظام معلومات ..
فقد شرعت وزارة العدل في الحصول على الوثائق الضرورية لكل سجين والمتعلقة بإيداعه ومنطوق أحكام الدرجة الاولى والثانية لتعرف هل يدخل في نطاق العفو أم لا.
من المقرر أن يستفيد من هذه العملية السجناء الذين لم يطعنوا في الاحكام الصادرة في حقهم ابتدائيا، والذين تم الحكم عليهم من قبل  قضاء الدرجة الثانية أي محكمة الاستئناف، وبهذا ستستفيد منه القلة القليلة فقط لأن اغلبية السجناء لم يعرضوا بعد على محكمة الدرجة الثانية، فهم في انتظار انعقادها منذ ستة أشهر أو في انتظار وصول ملفاتهم من المحاكم التي نقلوا عنها، وهو ما  لم يحدث لعدم موافقة المحكمة العليا التي لن توافق إلا بعد إحالة الملفات الاصلية كاملة إليها، وهي الملفات التي لم تحصل عليها النيابة لعدم معرفة مكانها بالضبط بسبب غياب أي نظام معلوماتي يضبط حركة الملفات. وفي هذه الحالة يكون المرجع الوحيد هو ذوي المتهم الذين يجرون خلف السراب، دون أي مساعدة قضائية أو قانونية .
على هذه الحال، حرم الكثير من السجناء من الاستفادة من هذا العفو .. لا يمكن تجاهل الطريقة الذكية التي جعلت بعض السجناء النافذين (الذين ارتكبوا "جرائم بيضاء" كالتحايل وخيانة الأمانة والتزوير وهي جرائم عادة لا يقترفها السود)  يستفيدون على حساب البعض.
 
كذبة الوزير:
اعلنت الوزارة عن في نشرتها الأسبوعية وفي وسائل الاعلام عن 195 سجينا من العفو الرئاسي. ورغم أن هذا يخالف ما ورد في المرسوم الرئاسي الذي تضمن منح تخفيض عن كل مدان نهائيا؛ إلا ان هذا العدد لم تستطع ان تفرج عنه الى الآن في عملية تحايل صريحة على الرأي العام الوطني وعلى رئيس الجمهورية.. لأن العفو يقتضي تخفيض سنة وبدون عدد محدد خلافا لما أعلنت وزارة العدل ..
 وللتستر على هذه الكذبة الكبيرة، يبالغ الوزير حاليا في الالحاح على معاونيه بضرورة تنفيذ العفو، لكن غياب الوثائق، المفقود جزء منها لتلف الأرشيفات  ولضياع الملفات خصوصا القديمة من إدارة السجن ومن المحاكم، يحول دون دفن هذه الكذبة التي يندى لها الجبين و التي أظهرتها الفوضى في عالم السجون.
 
ممارسة التعذيب:
داخل السجون يستمر التعذيب والمعاملة المهينة في غياب لأي دور لآلية منع التعذيب التي تستعد حاليا لإعادة التجديد دون ان ترفع أي قضية تتعلق بالتعذيب الى المحاكم أو الى الرأي العام، وفي غياب اللجنة الوطنية لحقوق الانسان التي لا تتعدى تقاريرها، إن وجدت، عتبة القصر، وفي غياب لأي دور للبرلمان او المجتمع المدني"المرخص" نظرا لعدم اهتمام الجميع  بهذه الفئة من السجناء السود.
يوضع السجناء في غرف الحجز العقابية المعروفة بـ "سلور" بمساحة  متر  ونصف طولا في متر ونصف مربع و التي يشرف عليها الحرس الوطني ..
ان حادثة قاضي التحقيق بألاك التي يرويها نزلاء هذا السجن بفظاعة و الذي أشرف بنفسه على وضع سجين في سلور عند منتصف الليل بعد ان اعتبر مطالبته له بعرضه على المحكمة نوعا من إساءة الأدب بعد ان قدم مع النقيب المداوم ليلا لتعنيف السجين و سبه وإهانته، لم تحظ بأي تحقيق رغم ابلاغ مدير السجن بها من قبل المسير.
 
حراسات رجالية لسجن النساء:
لا يتوفر السجن الوحيد المخصص للنساء في موريتانيا في حي سكني مأهول بعرفات على حارسات من جنس النساء مما يعرض نزيلاته الى التعنيف و الاستغلال والابتزاز من قبل الحرس، ورغم  أن هذه المطالب بلغت وزير العدل الذي يشتغل بإجهاض أي تطلع للمرأة من خلال تفريغه لقانون حماية  المرأة والفتاة المرتقب من الضمانات الدولية التي تكرسها  الاتفاقيات الأممية،  إلا انها لم تجد أي أذن صاغية لديه.
 
إعدام الاحداث:
رغم أن القانون يحرم الحكم على الأحداث المتنازعين مع القانون بالإعدام، إلا ان بعض الاحكام القضائية صدرت بإعدامهم في تغاض صريح لوزير العدل وللنيابة العامة وصمت المحكمة العليا.. لقد سجلت عديد الحالات التي حكمت فيها المحاكم الجنائية بالإعدام في حق الاحداث.
 
انعدام التأهيل:
رغم ان العقوبة السالبة للحرية تتحول الى انتقام عندما لا يصاحبها تأهيل وإصلاح، فإن انعدام أي رؤية للإصلاح في السجون الموريتانية حولها الى غرف انتظار للموت البطيء أو مصانع ذات جودة عالية في تصنيع المجرمين تشكل نسبة العود الجنائي نتيجة صادمة لفشل السياسة الجنائية ان وجدت اصلا.
 
الافراج عن مرتكبي الإجرام الأبيض:
يتمثل الإجرام الأبيض في الجرائم المالية وجرائم تهريب المخدرات التي عادة ما تقوم بها مخالفون من فئة صنهاجة المستعربة والمستحكمة في الدولة قبليا وفئويا.. فبنظرة بسيطة الى جرائم الفساد وجرائم تهريب المخدرات ذات الخطر البالغ والتحايل والتزوير وخيانة الامانة وإصدار الشيكات بدون رصيد، سنجد ان الكثيرين من المشمولين فيها استفادوا من إفراج مؤقت بواسطة المحكمة العليا التي تعد وكرا من أوكار  المحسوبية والزبونية،  لتتحول من محكمة قانون تتربع على هرم المحاكم الى محكمة وقائع.. نشير إلى أن المحكمة العليا يرأسها شخص غير مصنف، لا هو محام أو إداري أو أستاذ جامعي أو قاض أو موظف عمومي أو حاصل على دكتوراه في القانون.
ما حصل مؤخرا مع ملف صونولك وملف الجمارك و ملف القلاوية وملف عصابة البنك الموريتاني للتجارة الدولية وملفات مالية أخرى، يبين حجم الاستهداف. فبعد إصدار عقوبات كبيرة في حقهم، ها هم خرجوا بالإفراج المؤقت وضاعت ممتلكات الشعب الكثيرة التي نُهبت بتمالؤ القضاء مع المجرمين، بينما يقبع في السجن من لم يسرق سوى نزر قليل من المال.
 
نداء استغاثة:
لا بد من تكاتف وطني لإنقاذ العدالة وإصلاح السجون وإعادة الثقة في القضاء بفتحه أمام كافة الفئات بالتساوي ونبذ احتكار المناصب الحساسة فيه وجعلها حكرا على من لديهم النفوذ القبلي.
هناك محاصصة قبلية صامتة للمناصب القضائية. فبقراءة بسيطة للائحة التعيينات نلاحظ أن لكل قبيلة  شريكة في حكم المجموعة العرقية المهيمنة قاض في منصب رفيع يضمن لها مصالحها ونفوذها دون تقدير للكفاءة والجدارة.

ايرا-موريتانبا
14 يونيو 2020