قصر العدل بولاية أنواكشوط الجنوبية: إلي متى يظل العدل مختطفا من طرف السماسرة؟

اثنين, 04/04/2016 - 08:44

نفتح نافذة علي القضاء ودور قصر العدل بولاية أنواكشوط الجنوبية نتحدث مع المواطنين و نقترب منهم ندخل أروقة القصر نرصد مستوي التعاطي مع الملفات نتحدث مع ضحايا النصب و التحايل و نعد التقرير بكل تجرد ومصداقية و مهنية نتحفظ علي أسماء الأشخاص ولا نعتبر المعلومات الواردة إلينا شاملة بقد رما أن هناك استثناءات وهذا أمر طبيعي نستمع لأشخاص يمدحون حتي النخاع و آخرون يشتمون نحاور متفاءل ويرفض متشائم الحديث إلينا.

يعتبر إصلاح قطاع العدل و القضاء أحد أهم مرتكزات دولة القانون و أهم مقومات التنمية في البلدان السائرة في طريق النمو،وشهد قطاع القضاء في موريتانيا فترة مد وجزر ووضع علي طاولة الحوار خلال كل التحولات الكبرى التي مرت بها موريتانيا و الانقلابات العسكرية التي مر بها البلد، وتعرض القضاء للعديد من الانتقادات من طرف الأحزاب السياسية و الفاعلين الحقوقيين و حتي من طرف المتقاضين أنفسهم و أتهمه البعض بالتوظيف من طرف السلطة التنفيذية  لتصفية الحسابات مع بعض خصومها وطالبت العديد من الأصوات باستغلاليته عن السلطة التنفيذية كما ينص علي ذالك الدستور، إلا أن التجزئة التي شهدها قطاع القضاء و استحداث ثلاث ولايات علي مستوي ولاية أنواكشوط جنوبية، شمالية و غربية ووضع ثلاث قصور للعدل علي مستوي هذه الولايات الثلاثة كشف المستور و أوضح أن إستراتيجية الدولة الجديدة في ميدان تقريب الخدمات من المواطنين سوف تبقي ناقصة إن لم تضع الدولة آليات جديدة تطهر من خلالها كل القطاعات من ظاهرة الرشوة و الفساد وخصوصا القضاء، وقد نجحت الدولة إلي حد كبير في اكتتاب أطر شابة من قضاة في هذا القطاع وشكل هذا الاكتتاب تعاطي جديد ودينامكية جديدة في تسريع و تطوير مساطر الإجراءات و احترام أدبيات و أخلاقيات المهنة و إبعاد المحسوبية و القبلية و الولاء عن  الإجراءات العدلية و أصبح القاضي مستقلا في قراراته و يعمل وفق ما تمليه عليه القوانين و الإجراءات المعمول بها، حيث يبدوا جليا و أنت تلج و للمرة الأولي قصر العدل بولاية أنواكشوط الجنوبية شباب في مقتبل العمر يعملون في كل أجنحة القصر ويمارسون مهامهم بكل حرية و تجرد و أكدت كل فئات المجتمع التي تتخذ من القصر ملاذ لها حرفية هذا الطاقم ومهنيته و ابتعاده عن كل لبروتوكولات  فكل المكاتب مفتوحة فالنيابة العامة تستقبل يوميا كل المواطنين وتستمع لمشاكلهم وتتخذ  الإجراءات القانونية المناسبة وتسهر بالتعاون مع الأجهزة الأمنية علي احترام المساطر القانونية و وتوفير الأمن و السكينة للمواطن ، رئاسة القصر هي الأخرى تستمع للمواطنين خلال جلسات الدورات الجنائية و تسمح للحضور بالتدخل وتعمل دائما علي فض النزاعات بين المتقاضين وتمكينهم من الصلح فيما بينهم قبل إصدار الأحكام عليهم في قضايا معروضة أمام النيابة العامة، أما علي مستوي التحقيق بالديوان الأول وخلال فترات الاستخراج و الاستماع للمتهمين فإن أهاليهم بإمكانهم اللقاء معهم و الإطلاع علي أحوالهم و إن كانت لهم رغبة في الحصول علي تراخيص لزيارتهم فإن هذا الإجراء روتيني ولا عرقلة فيه ويحدد القانون معاييره و إجراءاته ، إلا أن الجسم إن أشتكي منه عوضا تتداعي له الأعضاء الأخرى بالحمى و السهر هذا ما يشكل خطرا علي القضاء فوجود مافيات ولوبيات وسماسرة و حتي أصحاب سوابق عدلية في قصر العدل علي مستوي ولاية أنواكشوط الجنوبية مثلهم في ذلك مثل القصور الأخرى يشكل خطرا كبيرا علي منظومتنا القضائية ويضع العديد من نقاط الاستفهام حول الدور الذي يقومون به فانتحال الشخصية و التحايل و الخديعة وكشف أسرار التحقيق و سمسرة الملفات حتي أن بعضهم أصبح يقدم الاستشارة القانونية ويفتح مكتبة داخل القصر لكتابة الشكاوي و المستندات التي يبحث عنها المواطنون و الموجودة أصلا لدي السكرتيرات العمومية المرابطة أمام القصر و التي تشكل محورا مهما في توفير لغمة العيش لأصحابها وتعتبر تجزئة المصالح العمومية ذات أهمية في توفير مناخ ملائم لأصحاب المهن الحرة يستفيدون منها،  أمور من بين أخري تعتبر العنوان البارز في عمل هذه المجموعات فلا يخلوا يوما من عملية أو عمليتين تدخل ضمن ما يعرف بالنصب و التحايل حيث يقوم هؤلاء بإقناع المتقاضين أو أهالي الموقوفين في ملفات معروضة أمام القضاء بأنهم بإمكانهم تبرئة المتهم أو طي ملفه أو رفع الرقابة القضائية عنه أو تسليم محجوز في ملفه وهذا ما جعل مهنة المحاماة في طي النسيان، وتوجد أيضا منظمات حقوقية تهتم بحقوق الإنسان ولديها مرشدين علي مستوي قصر العدل يقومون بمتابعة ملفات القصر و يحضرون جلسات الاستماع لهم منذ التوقيف وحتى الإيداع في السجن حسب أتفاق مبرم بين هذه المنظمات ووزارة العدل،  المرشدون أصبحوا يشكلون خطرا في مؤازرة الضحايا ويتلاعبون بهم و يتحايلون عليهم مما يضع مصداقية تلك المنظمات في مهب الريح ويفقدها المصداقية ويشكل خطرا علي عرضها لتقاريرها حول التجاوزات المتبعة في ملفات القصر ويحول المستهدفين إلي خصوم لها، في الجانب الآخر لهذه الصورة المظلمة الشرطة بوصفها عونا للقضاء و تشكل همزة وصل بين القضاء و المتقاضين أو الموقوفين في ملفات ترتبط بالحق العام فالمحاضر التي تصل قصر العدل يتم ترتيبها و كتابتها بطرق تحتاج لتمحيص حتي أن العديد من المدنيين العاملين و المتعاونين مع الشرطة أو من يسمون أنفسهم مخبرين أصبحوا يقومون بمهام الشرطة ويرتدون البدلات الرياضية التابعة لهذا القطاع حتي أنهم يحملون المحاضر في أحيان كثيرة ويتجولون في القصر دون رقيب ويقدمون أنفسهم علي أنهم رجال أمن وهذا ما يعاقب عليه القانون ، الإجراء  الأكثر رواجا و الأكثر مرد ودية اقتصادية  ما يعرف بالرقابة القضائية لدي الشرطيين المكلفين بكتابة المحاضر فالرقابة القضائية تمكنهم من اقتناص الفريسة و ويقدمون حجج  علي أنهم ضغطوا من أجل عدم إيداع المتهم في السجن وبهذا ينالون ثقة أهل المتهم ويقدم لهم عربون هدية هو بيت القصيد كمكافئة لهم علي مساهمتهم في إطلاق صراح ، أما عن أسرار التحقيق و إعطاء المعلومات و إخراج الملفات و ما تحويه من معلومات فحدث ولا حرج، فاطمة سيدة معروفة علي مستوي قصر العدل جاءت للمرة الأولي من أجل الإطلاع علي ملف أبنها الموقوف في ملف من ملفات الحق العام التقت مع شخص يدعي أنه عامل هناك  وهو لبس كذالك و أخذ منها مبلغا معتبرا علي أنه سوف يقوم بإصدار حرية مؤقتة لولدها وهو ما لم يقع فالسيدة لم تجد نقودها ولم يطلق صراح ولدها هذه عينة خفيفة من عينات التحايل و النصب و الكذب التي تشكل خطرا علي منظومتنا القضائية، ومن أجل التصدي لهذه الظواهر و العمل علي انتشال هذا القطاع الهام من الانهيار فإنه من الضروري اليوم وضع آليات جديدة لسيطرة علي الوضع وخلق تعاطي جديد مع القضايا الحساسة ووضع مكتب علي مستوي قصور العدل مكلف بتوجيه المواطنين و إرشادهم و تهذيبهم حول الإجراءات المتبعة في الملفات وتمكينهم من الإطلاع علي مضامين الإجراءات حتي أن المنظمات الحقوقية بإمكانها العمل بالتشاور مع مكاتب التوجيه من أجل مؤازرة القصر، أما علي مستوي أعوان القضاء فمن الضروري إجراء دورات تدريبية لصالح ضباط الشرطة القضائية و أعوانهم من أجل معرفة أدبيات و أخلاقيات المهنة وحتى كيفية كتابة وصياغة محاضر التحقيق و أهم ركيزة في هذا المجال هي التجرد و المهنية و الحياد و الابتعاد عن كل الضغوطات ذات الصلة بالتأثير علي مجريات التحقيق، و غلق الأبواب أمام السماسرة وتجريمهم و معاقبتهم و إصدار قرارات صارمة في حقهم، و إعادة النظر في المحجوزات التي يتم ضبطها من طرف الشرطة سواء خلال المداهمات أو البحث أو التوقيف فمن المهم ضبط هذا الجانب المحوري في عملية التوقيف و الذي يشكل نزاعا دائما بين الموقوف و القضاء بعد اكتمال مأموريته و حتي الضحية في أحيان كثيرة، و من المهم أيضا تدريب وتكوين الطاقم الطبي و المصالح الصحية علي محتوي التسخير الطبي ودوره في الإجراءات القضائية و عدم إخضاعه لمعايير أخري، أما علي مستوي تسخير المكالمات الهاتفية خلال البحث و التقصي لبعض المتهمين فمن الضروري توضيح ذلك الإجراء لدي مؤسسات الاتصال من أجل تفادي الوقوع في تجاوزات تتعلق بحقوق الإنسان فكثيرا ما يتم توقيف وملاحقة أبرياء بسبب مكالمة هاتفية عابرة قد تكون عن طريق الخطأ أو استخدام هاتف مستعمل ومعروض للبيع في محل لبيع الهواتف المستعملة أو لدي بائع متجول لا عنوان له . و إن لم يقع هذا فأننا نغض الطرف ولا ندري إلي متى سيظل القضاء مختطفا؟ 

في ملفاتنا القادمة سوف نسلط الضوء علي جوانب تلامس حياة المواطن في الجنوب..........يتواصل

بقلم : حمين سيدي أمعيبس

       حقوقي/ كاتب صحفي