"ايرا" تروي التفاصيل الكاملة لاغتصاب حرطانية قاصر من قبل ضابط شرطة قضائية

أحد, 17/05/2020 - 06:58

بيان من ايرا-موريتانيا 

موريتانيا: ضابط شرطة قضائية يغتصب حرطانية قاصرة

في يوم 15 مايو2020، وجه قاضي التحقيق في محكمة لعيون (عاصمة ولاية الحوض الغربي) لقائد فرقة الدرك في مركز اطويل الاداري تهمة "اغتصاب قاصر وهتك حرمات الله".
صحيح أن القضاء تجاهل المخالفات السافرة المتعلقة باستغلال و تشغيل قاصرو بالوقوف في وجه القانون وتحييد الشهود، لكنه أمر بإحالة المتهم إلى السجن. وإنه لمن النادر في موريتانيا أن تتم مساءلة وكلاء القوة العمومية في قضايا تتعلق بإفراطهم في استخدام السلطة. وبالتالي، فمن المناسب أن نشير إلى أهمية مثل هذا الحدث.
ولتسليط الضوء على القضية، نذكّر بأن فرع إيرا بولاية الحوض الغربي علم، يوم 12 مايو 2020، أن والدة وخال الفتاة توتو بنت كابر (البالغة 12 سنة) أبلغا أنها كانت ضحية اعتداءات جنسية من قبل قائد فرقة الدرك في قرية اطويل.
ومعلوم أن الفتاة الضحية حرطانية منحدرة من مجتمع العبيد السابقين الذي تصفه مفاهيم الحكومة الموريتانية بـ"الشريحة الهشة" الأقل حظا في التعليم وفي قيم المساواة والأكثر عرضة للبؤس.
في اليوم الموالي للحادث، انتقل المسؤول المحلي لإيرا ونائبة (على التوالي الحسن ولد السالك وحمادي ولد اعبيد الله) إلى قرية اطويل. وانطلاقا من تحرياتهما المدعومة بالشهادات، توصلا إلى المعلومات التالية:
1-مسؤول الشرطة القضائية في البلدة ومسؤول أمنها، قائد فرقة الدرك أحمد طالب ولد المختار ولد الشيخ، استأجر الفتاة توتو للعمل المنزلي منذ بداية السنة 2020، وذلك مقابل مبلغ زهيد تتلقاه والدتها الفقيرة التي تقطن، كآخرين، في عريش قرب منزل ممثل للدولة. وقالت الوالدة عربه بنت كابر أنها إنما نصَبت عريشها قرب منزل ممثل للدولة بغية التمتع بالحماية والأمان، وأنها تركت أمر ابنتها لصاحب رتبة كبيرة من الدرك لذات السبب، ولكي تحصل على قوت يومها.
2-في بداية شهر رمضان أحست الفتاة بأنها مريضة، فحملها مشغلها، ضابط الدرك، إلى المركز الصحي حيث أخبره الأطباء أنها حامل منذ أربعة أشهر. فطلب منهم إجهاض الجنين، الأمر الذي لم يقبلوه، فلجأ إلى خال الفتاة اسغير ولد كابر الذي تعهد له ب 15 ألف أوقية جديدة مقابل صمت الأهل، كما تعهد بأنه سيتزوج الطفلة مباشرة بعد وضعها. رفض الخال المقترح وطلب من الدركي، قبل كل شيء، أن يعترف بفعلته. فأجّلَ الدركي النقاش وضرب موعدا مع الخال عند أسرة الفتاة يوم 11 مايو 2020. عندما حان الموعد، وصل الدركي مع وفد رفيع من أعيان البلدة بقيادة عمدة اطويل. وأمام الشهود اقترح الدركي أن يعطي للأسرة 100 ألف أوقية كتعويض مقابل طي الملف كليا.
3-رفض الأهل مقترح التسوية. فصرخ في وجههم الدركي قائلا: "إن أية سلطة وأية عدالة لن تخيفني، فاذهبوا وقدموا شكواكم أينما تشاؤون". وفي يوم 12 مايو تقدمت الوالدة، رفقة ابنتها، بشكوى لدى رئيس مركز اطويل الإداري التابع لوزارة الداخلية.
رئيس المركز الإداري الذي استغرب القصة وأبدى الكثير من التأثر، حرر رسالة وبعث بها إلى وكيل الجمهورية بمحكمة الحوض الغربي موضحا فيها أن الفتاة توتو أكدت أمامه التهم الموجهة ضد الدركي.
4-في مساء نفس اليوم، تم  توقيف الضحية ووالدتها وخالها داخل زنزانات فرقة الدرك. وعلى مدى ثلاثة أيام أخذ المعنيون الثلاثة مكان الجلاد. وحسب شهادات متطابقة فقد تعرض الأشخاص الثلاثة للمضايقة والتعنيف بغية تغيير شهاداتهم واتهام آخرين بالفعلة خاصة من ضمن المجتمع المنحدر من العبيد. وبما أن الأسياد السابقين من مجتمع البيظان لا تمكن مساءلتهم عن اغتصاب قاصر، أوقفت فرقة درك اطويل ثلاثة شبان حراطين من القرية وضواحيها. اثنان من الموقوفين ظلا حبيسيْن إلى غاية 14 مايو. إن النسخة الموريتانية من منظومة لابارتايد تنصح بمتابعة وإدانة الجناة من الشرائح المغلوب على أمرها بصفة تجعل من الانفلات من العقوبة ضمانا لمواصلة تفوق وهيمنة شريحة أخرى.
إن موريتانيا لا تحمي القصر من الاستغلال على يد البالغين بالرغم من مسارعتها إلى توقيع القوانين الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل. ولأسباب متعلقة بالتأويلات الدينية والأبعاد التاريخية-الاجتماعية، يمنح الرأي العام للأهل سيادة مطلقة على ذريتهم، لذلك يُلقى بآلاف البنات والبنين إلى العمل الشاق بعيدا من أي غطاء صحي أو حماية من الاستغلال والمعاملة السيئة والقهر الجسدي والزواج القسري والختان، وكثيرا ما يُدفع الراتب، في حالة وجوده، للأوصياء. هذه الممارسات تتعلق، في غالبيتها الساحقة، بأبناء الحراطين في طور الطفولة.
إن حضور هذه البقع السوداء علامة مميزة للكثير من منازل المجتمع العربي- البربري حيث يوجد تقسيم اجتماعي للعمل مبني على ثقافة قرون من الاسترقاق، فيما لا تُحاشي الهمجيةُ المسلطة على الأطفال أي وسط اجتماعي. إن المجتمع يتسامح مع ممارسات الدونية نحو الأطفال ولا يُلقي بالا لتدخل الدول والقضاء من أجل نجدتهم.
لقد حان الوقت لمصادقة موريتانيا ودمجها في قوانينها لكافة الآليات الدولية الخاصة بحماية المرأة والطفل بما في ذلك ابروتوكول مابتو المتضمن في الميثاق الإفريقي لحقوق الانسان. وعلى ضوء تصويت البرلمان قريبا على مشروع تجريم العنف تجاه المراة، المعروف بقانون النوع، تقترح إيرا لحلفائها في الجمعية الوطنية أن يعملوا، في تآزر، على فقس قانون يحمي غير البالغين من الانتهاكات المقام بها داخل النسيج الأسري وتحت حصانة رابطة الدم. ولهذا الغرض، ومن أجل التمكن من حماية الأطفال، يرجى من مفوضية حقوق الانسان ومحاربة الفقر أن تنتج، وفق إحصائيات موثوقة ومحيّنة،  خارطة للهشاشة حسب الفئة العمرية.
مبادرة انبعاث الحكة الانعتاقية (إيرا)
نواكشوط بتاريخ 15 مايو 2010