“الراي”… فن شبابي تتسابق الجزائر والمغرب على كسب جنسيته في أروقة “اليونسكو”

ثلاثاء, 25/10/2016 - 14:32

من حسام الدين إسلام وخالد مجدوبـ رغم حصده صفة العالمية بين أشهر الأنواع الغنائية، مازال “الراي” محل صراع على التبني بين كل من الجزائر والمغرب، فبينما تجزم الجزائر على أنه فن محلي خاص بها قبل أن ينال العالمية، تنفي “الرباط” أن تكون تقدمت بطلب إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، بإدراجه ضمن التراث المغربي، كما صرح بذلك وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي، نقلا عن وسائل إعلام.

وخلّف قرار السلطات الجزائرية بإدراج فن “الراي” كتراث جزائري بعد طلب تقدمت به إلى منظمة “اليونسكو”، جدلا واسعا حول جنسية هذا الفن الغنائي والموسيقي، بسبب قلق جزائري من تحرك المغرب لنسبه إليه، خاصة بعد منح الجنسية المغربية لبعض مغنيي “الراي” الجزائريين؛ على غرار المطرب العالمي المعروف بـ”الشاب خالد”.

ويقول مختصون أنّ “الراي”، جزائري محض وليس بحاجة إلى إثبات، فقط حقق الانتشار في المغرب.

وتقدمت الجزائر رسميا في 13 آذار/مارس 2016، بطلب إلى منظمة اليونسكو لتصنيف فن “الراي” كتراث غنائي وموسيقي جزائري محض، من أجل الحفاظ عليه من الضياع، وردا على بعض الدول التي تحاول نسب هذا اللون الغنائي إليها، حسب ما أعلنته وزارة الثقافة الجزائرية.

وقال وزير الثقافة الجزائري عزالدين ميهوبي، في مؤتمر صحفي في 28 آب/اغسطس الماضي، بقصر الثقافة بالعاصمة الجزائر، إنّه “من حق أيّ جزائري أن يغار على موروثه الثقافي والفني”.

وأضاف أنّ “الطلب الذي قدمته الجزائر إلى اليونسكو، لتصنيف الراي، يأتي لحمايته من الضياع″.

وفي تلميحه إلى المغرب، ذكر ميهوبي، أنه اطلع “على تقارير صحفية نقلت أنّ بعض البلدان تسعى إلى نسب هذا الفن الموسيقي إليها كتراث وطني”.

وأضاف: ” الجزائر اعتمدت هذا الإجراء لحماية تراثها من السطو أو التحريف”.

و كشف الوزير الجزائري، عما أسماها السياسة الجديدة لوزارة الثقافة في المرحلة المقبلة والمتعلقة بـحماية التراث المادي واللامادي، بناء على تحديث قانون 1989 الخاص بحماية التراث، إضافة إلى استحداث خارطة ثقافية لحمايته داخليا وخارجيا.

وقالت الإعلامية الجزائرية دليلة مالك، إنّ “العديد من المطربين المغاربة يقرّون بأنّ الراي، جزائري وموطنه مدينتي سيدي بلعباس ووهران (غربي الجزائر)”.

وأضافت: “كما أنّ ملايين العشاق لهذا اللون الفني الذي أصبح عالميا يعترفون بذلك”.

وتعتقد مالك، أنّ قبول “اليونسكو سابقا لستة ملفات تخص التراث الجزائري قد أزعج المغرب، ذلك أنّ نشاط الجزائر على هذا الصعيد يمنحها مكانة مهمة بين الأمم من خلال تثمين المنظمة لعملها في تصنيف التراث”.

وأكدّت أنّ الأمر ليس منافسة من الجزائر لأنّها تستعد أيضا لإيداع ملف لتصنيف أكلة “الكسكسي” كتراث مغاربي وبالتالي فالملف يجب أن يكون مشتركا بين البلدان الثلاثة (تونس، المغرب والجزائر).

للذكر فإن غرب ليبيا يشتهر على غرار البلدان الثلاثة بأكلة الكسكسي.

واعتبر الفنان الجزائري إبراهيم حدرباش، في حديث للأناضول أنّ “ما أقدمت عليه بلاده بتصنيف موسيقى الراي يعدّ بادرة خير في مجال الموروث الثقافي والتراثي الجزائري الذي يقدم قيمة للفن والفنان معا في المستقبل”.

وقبل أن يبلغ الراي، أروقة “اليونسكو” يعيش عدد من الفنانين الجزائريين في مجال الراي، متنقلين بين البلدين ويثيرون جدلا مستمرا بعد منحهم الجنسية المغربية مثل الفنان العالمي الشاب خالد.

ورغم أن “اليونسكو” لم تفصل لحد الآن في هذا الطلب إلا أنها كتبت نشرية خاصة للمنظمة باللغة الفرنسية صادرة في 2005 حول الأنواع الموسيقية الإفريقية أن “الجزائر التي تعتبر نفسها موطن موسيقى الراي، بامتياز أخرجت هذا النوع الغنائي خلال القرن الماضي بمنطقة وهران غرب البلاد”.

ويعرّف الصحفي والمترجم الجزائري سعيد خطيبي، فن الراي في كتابه “أعراس النار… قصة الراي”، الصادر في 2010، عن منشورات “البيت”، أنّ “الراي، موسيقى تستمد بعض جذورها من الأغنية الوهرانية (نسبة إلى مدينة وهران شمال غربي البلاد)، بحيث كانت البداية على أيدي الشيخات (مغنيات محليات لهذا الفن)، أمّا الحصاد والشهرة فنالها نجوم الجيل الجديد الذين يطلقون على أنفسهم الشاب والشابة، تميزا عن الجيل المؤسس″.

و”الراي” حسب ما ورد في كتاب سعيد خطيبي: “طابع موسيقي جزائري وعربي يعدّ الوحيد الذي تمكن في ظرف قياسي من بلوغ الذروة العالمية حتّى إنّ القاموس اللغوي الفرنسي”لاروس″ أدرج كلمة “الراي” بداية من 1998 ضمن مصطلحاته.

ويضيف خطيبي، في تعريفه: “موسيقى الراي، جزء من التراث الشعبي لمدينة وهران التي نظمت في 1985، أول مهرجان للراي، تلاه مهرجانان دوليان في مدينتي وجدة (شرقي المغرب وعلى الحدود مع الجزائر)، وطبرقة (شمال غربي تونس، قريبة من الحدود مع الجزائر). أما أول مهرجان لموسيقى الراي، في الخارج، فتم عقده في ضاحية العاصمة الفرنسية باريس، في 1987″.

وعلى الطرف الآخر، نفى مدير الفنون بوزارة الثقافة المغربية عبد الحق أفندي، للأناضول، أن تكون وزارة الثقافة ببلاده تقدمت بأي طلب لـ”اليونسكو” لإدراج فن “الراي” كتراث مغربي.

من جانبها، أوضحت مكلفة ببرنامج بقطاع الثقافة بمنظمة “اليونسكو” لدى الدول المغاربية، سناء علام، للأناضول، أنه “لا يمكن لجمعية أن تتقدم بطلب اعتبار فن تراث لا مادي، بل حكومة البلد عبر وزارة الثقافة هي التي تتكفل بذلك”.

ودعت علام، الدول المغاربية إلى “التقدم بطلب مشترك لليونسكو، لاعتبار بعض الأمور التراث اللامادي لديها، خصوصا أن اليونسكو، تعطي الأولية للطلبات المشتركة”.

وتابعت قائلة: “ممكن لدولة أو مجموعة من الدول أن تنضم إلى لائحة الدول التي لها تراث لا مادي تحت اسمها، مثل تراث الصيد بالصقور، الذي يعتبر من التراث اللامادي لمجموعة من الدول وانضمت مؤخرا دول أخرى للائحة”.

وأبرزت أن “الانضمام إلى التراث اللامادي لا يعني الدولة أو الدول بقدر ما يعني الأفراد والجماعات، والتي ممكن أن تكون تنتمي إلى دولتين أو مجموعة من الدول”.

وأشارت ممثلة اليونسكو بالدول المغاربية، إلى أن “التقدم بالطلبات لليونسكو يقتضي أخذ موافقة مكتوبة لهذه الجماعات”.

من جهته، قال الفنان المغربي ونقيب المهن الموسيقية مولاي أحمد العلوي، إن “استغلال الثقافة أو الفن المغاربي أو المتوسطي ومحاولة تبنيه لدولة واحدة، أمر غير منطقي، لأن الفن لا وطن له، ولا يمكن استغلاله في الصراعات بين الدول”.

وأضاف قائلا “هناك علاقة وطيدة بين ساكنة الشرقية بالبلاد، وساكنة الجزائر الغربية المجاورة لها، وهو ما جعل انعكاس واندماج ثقافة المنطقتين، بعدد من المجالات بما فيها الفنية”.

وأضاف قائلا: “ليس هناك مراجع وكتب تاريخية تبين انتماء الراي لدولة دون أخرى”.

وتساءل العلوي، “طلب الجزائر باعتبار فن الراي تراث جزائري، هل يتعلق بفن الراي القديم، أو الحديث الذي ظهر مؤخرا، مع العلم أن البلدين يتوفرون على شيوخ في هذا الفن، وعلى فنانين، كما أن هذا الفن يمكن أن يكون قبل الثلاثينات من القرب الماضي”.

ودعا إلى “إبقاء الفن فوق أي صراع، لأنه يهم شعوب العالم ككل”.

جدير بالذكر أن الكثير من العائلات الجزائرية المحافظة تنظر إلى الراي، كـ”فن هابط”، خاصة وأنه نما وتطور في الملاهي الليلية.(الأناضول)