محمد السنوسي الثاني من رئاسة بنك إلى عرش إمارة كانو

اثنين, 10/06/2019 - 18:50

في سلسلة رسائل من افريقيا في بي بي سي، كتب مانير دان علي رئيس تحرير صحيفة تراست النيجيرية اليومية مسلطا الضوء على ما يراه استهداف السياسيين في بلاده لأحد أكثر الزعامات التقليدية والروحية تأثيرا في شمال البلاد ذي الأغلبية المسلمة.

ويعد عام 2019 بشعا بالنسبة لأمير كانو محمد السنوسي الثاني، حيث عمد حاكم ولاية كانو عبد الله غاندوجي إلى قص أجنحة الأمير بل ومحاولة القضاء على كل نفوذه الموروث في المنطقة.

ولأكثر من ألف عام، ظل موقع أمير كانو موقرا، فالزعماء التقليديون وإن كانوا لا يمتلكون سلطات دستورية كثيرة، إلا أنهم قادرون على الحصول على نفوذ خاص لأنه ينظر إليهم بوصفهم القيمين على الدين والتقاليد.

ففي الشهر الماضي قسم غاندوجي إمارة كانو إلى خمس ولايات، تاركا الولاية الأصغر لمحمد السنوسي الثاني، وهي إلى جانب أنها الأصغر فهي أيضا الأكثر كثافة السكانية.

ولقد نالت هذه الخطوة من مكانة الأمير وشأنه.

فمن هو محمد السنوسي؟

كان محمد السنوسي، البالغ من العمر 57 عاما وهو رئيس بنك سابق، تولى عرش الإمارة عام 2014 بعد أن اختاره شيوخ الإمارة، ثم اعتمد حاكم الولاية هذا الاختيار.

وهو الأمير رقم 14 لكانو وحفيد الأمير رقم 11.

وكانت مجلة تايم قد وضعته في لائحتها للشخصيات المؤثرة عام 2011.

وكان السنوسي طرد من عمله في البنك بعد أن كشف عن اختفاء 20 مليار دولار من عائدات النفط،

وظل السنوسي يستخدم موقعه في الإمارة لإثارة بعض القضايا، بيد أن موقفه "المتعالي" أثار حفيظة بعض السياسيين.

وكانت أولى مؤشرات التوتر بين حكومة الولاية والإمارة ظهرت بعد إعادة انتخاب غاندوجي في وقت سابق من العام الجاري.

فقد تم تداول شريط فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي يظهر حشدا في مبنى حكومة كانو يزيلون صورة للأمير ويمزقونها إربا.

وقد حدث ذلك على بعد أمتار قليلة من القاعة الكبيرة التي بنيت في يونيو/حزيران عام 2014 لتتويج الأمير.

وكان غاندوجي فاز بصعوبة بمنصبه، وقد طعن منافسه في المحكمة في نتيجة الانتخابات.

والآن يريد الحاكم تصفية الحسابات مع من يعتقد أنهم عارضوا إعادة انتخابه، ويأتي الأمير على رأس القائمة.

ويرى الكثيرون أن الأمير في مأزق لأنه تحدى تقليدا راسخا وهو أن تغطي عمامته فمه فيكون أعضاء الحاشية هم المتحدثون باسمه.

فبعكس أسلافه فإن الناس ترى هذا الأمير وتسمعه كثيرا، فهو لم يتوار عن الأنظار ووجه انتقادات للحكومة الأمر الذي وضعه على طريق الصدام مع أصحاب المناصب.

ففي إحدى المناسبات انتقد فكرة حاكم كانو ببناء خط مترو بقرض صيني.

الانتقام

ويرى البعض أن انتقام غاندوجي من الأمير بدأ منذ أوائل عام 2017 لدى فتح تحقيق في الوضع المالي للإمارة التي تمولها الولاية.

وقد أوصى تقرير نشر الأسبوع الماضي بوقف الأمير واتهمه بالاستهانة بالتحقيق بإصداره أوامر لمسؤولي الإمارة بعدم إجابة أسئلة المحققين.

وقال التحقيق إن نحو 9.4 مليون دولار أنفقت على ما وصفه بطرق غير ملائمة وفاسدة، في إشارة إلى تجديدات القصر وفواتير الهواتف والرحلات الجوية وفواتير الفنادق.

ومنذ بدأت تلك الأحداث التزم الأمير على غير عادته الصمت في المناسبات العامة، ولم يرد على مزاعم إساءة الإدارة المالية.

وربما أراد حاكم الولاية نشر هذا التقرير لصرف النظر عن اتهامات بالفساد طالته عقب انتشار فيديو يظهر فيه وهو يدفع بكميات كبيرة من الدولارات في جيوب عباءته.

ونفى غاندوجي الاتهامات بالرشوة من مقاولين، مؤكدا أن الفيديو مزيف.

و في وقت لاحق أوقف برلمان الولاية تحقيقا في هذا الأمر بأمر من المحكمة بناء على طلب حاكم الولاية، الذي طلب تعويضا أيضا عن التشهير.

وفي الماضي أُجبر أمراء على الاستقالة، ولكن التوتر الحالي دفع حكومة الولاية لإلغاء استعراض الخيل الذي يستغرق 3 أيام بمناسبة عيد الفطر، والذي يعرف بسم دوربار.

وخلال الدوربار، الذي يجذب الكثير من السياح، يمتطي الأمير جوادا في المدينة مصحوبا بحاشيته في أزيائهم التقليدية الملونة ثم يصطف الناس لإبداء الاحترام والتوقير له، في تقاليد تجعل سكان كانو يشعرون بالفخر.

وكانت محاولة سابقة من أحد حكام الولاية في ثمانينيات القرن الماضي لتقسيم الإمارة قد أسفرت عن وقوع اشتباكات.

وبالنسبة لأولئك الذين يشعرون أن هناك دوافع سياسية في ما يحدث فإنهم يأملون أن تفشل هذه المحاولة أيضا.

وتعهد منافس غاندوجي على منصب الحاكم بإلغاء القرار إذا أيدته المحكمة.

غير أن ما يحدث حاليا يعني أن وهج الأمير باعتباره حافظا لتراث كانو الغني والمتعدد الأطياف قد يخبو إذا تحول إلى مسؤول مدني عادي ملزم بإجابة أسئلة السياسيين.