الرئاسة الجزائرية تمنع رئيس وزرائها من عرض حصيلة عمل حكومته

ثلاثاء, 11/12/2018 - 20:21

قالت تقارير إعلامية جزائرية أمس إن رئاسة الجمهورية أصدرت تعليمات تقضي بمنع رئيس الوزراء أحمد أويحيى من عرض بيان السياسة للحكومة، والذي كان مقررا يوم  16 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، مشيرة إلى أن بيان السياسة العامة والذي يقصد به حصيلة عمل الحكومة خلال سنة، موجود على مستوى رئاسة المجلس الشعبي الوطني ( البرلمان) منذ منتصف الشهر الماضي، ولكن صدرت الأوامر بعدم السماح لرئيس السياسة العامة.

وذكرت صحيفة «الخبر» (خاصة) التي تحدثت على لسان مصادر مطلعة أنه يمكن وضع هذا الإلغاء ضمن سيناريوهين، إما أن رحيل أحمد أويحيى من الحكومة بات وشيكا، أو أن المرحلة القادمة فرضت هذا الخيار في ظل حديث قويّ عن تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة سواء من طرف أحزاب محسوبة على السلطة وأخرى تنتمي إلى المعارضة.

وأوضحت الصحيفة أن بيان السياسة العامة نزل إلى مجلس الشعب يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأن رئيس المجلس معاذ بوشارب تلقى نسخة واحدة فقط، مع حرصه على عدم تسريبه للإعلام، وأن بوشارب عقد اجتماعا مع أعضاء مكتب المجلس المشكل من نواب الرئيس وأبلغهم بضرورة الاستعداد لعرضه بعد شهر، وأنه تم فعلا الاستعداد، وشرع في عملية طبع البيان تحسبا لتوزيعه على النواب، لكن الرئاسة قررت في آخر لحظة أن رئيس الوزراء لن يقوم بعرض حصيلة حكومته منذ أن تولى قيادتها في أغسطس/ آب 2017.

وشددت على أنه من الناحية الدستورية فإن عرض بيان السياسية العامة واجب بحكم المادة 98، والتي نصت حرفيا أنه “يجب على الحكومة أن تقدّم سنويا إلى مجلس الشعب بيانا عن السّياسة العامة، يعقُب بمناقشة عمل الحكومة. يمكن أن تُختتَم هذه المناقشة بلائحة”، كما تشير المادة إلى أنه  “يمكن أن يترتب على هذه المناقشة إيداع مُلتمَس رقابة من مجلس الشعب  طبقا لأحكام المواد 153 و 154 و155 أدناه. ولرئيس الوزراء أن يطلب من مجلس الشعب تصويتا بالثقة. وفي حالة عدم الموافقة على لائحة الثّقة، يقدّم رئيس الوزراء استقالة الحكومة. وفي هذه الحالة يمكن لرئيس الجمهوريّة أن يلجأ، قبل قبول الاستقالة، إلى أحكام المادّة 147 أدناه. يمكن الحكومة أن تقدّم إلى مجلس الأمّة بيانا عن السّياسة العامّة”.

وليست هذه المرة الأولى التي يمنع فيها رئيس الوزراء أحمد أويحيى من تقديم بيان سياسته العامة، فلما كان أويحيى رئيسا للحكومة سنة 2005 وبدأت تتسرب معلومات عن اقتراب موعد رحيله، بسبب ما تردد عن عقده لاجتماع خاص بالمجلس الأعلى للأمن في الوقت الذي كان فيه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يعالج في فرنسا من تبعات قرحة معدية، قال عنها أطباء فرنسيون إنها سرطان معدة، وهو الأمر الذي أصاب الرئيس بوتفليقة بغضب شديد، والذي قرر إبعاد أويحيى، ولما حاول الأخير عرض بيان سياسته العامة، للخروج من الباب على الأقل، أبلغ عن طريق القنوات غير المباشرة أنه ممنوع من عرض بيان السياسة العامة، لكنه أصر على ذلك، فخرج رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني آنذاك العياشي دعدوعة، وهدد بسحب الثقة من الحكومة في حالة ما إذا تجرأ أويحيى وقدم بيان سياسته العامة، وفهم الأخير الرسالة وبقي في مكتبه ينتظر قرار الإقالة الذي جاءه بعد أيام، ولم يتمالك نفسه أمام الكاميرات فأطلق تلك العبارة التي كانت تحمل أكثر من معنى عندما قال «أتمنى للرئيس موفور الصحة”!

ورغم ما حدث في تلك المرحلة، إلا أن أويحيى عاد مرة أخرى إلى الخدمة سنة 2008 وبقي رئيسا للحكومة ثم رئيسا للوزراء بعد أن تم تعديل الدستور حتى عام 2012، قبل أن يبعد مرة أخرى من الحكومة وحتى من الحزب الذي يتولى قيادته، ومرة أخرى استدعي للخدمة تحسبا للانتخابات الرئاسية التي جرت في 2014، وعين مديرا للديوان برئاسة الجمهورية مع حصوله على لقب وزير دولة، واستمر في المنصب رغم الهجوم المتكرر الذي كان يشنه عليه غريمه عمار سعداني أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، وظل يتحين الفرصة حتى وقعت أزمة رئيس الوزراء السابق عبد المجيد تبون الذي أقيل بعد أقل من ثلاثة أشهر من تعيينه، ليجد أويحيى نفسه مرة أخرى على رأس الحكومة.

وعانى أويحيى خلال الفترة الأخيرة من تضييق غير معلن، إذ منع لأشهر طويلة من القيام بأية نشاطات خارجية، فلم تكن الرئاسة تكلفه بأية مهمة في الخارج، وفي الداخل كانت الأولوية إلى وزير الداخلية الذي غطى بحركته ونشاطه على رئيسه، قبل أن يرفع الحظر عن نشاطه وأصبح يسمح له بالخروج وتمثيل الرئيس في الخارج، لكن مؤخرا تعرض إلى انتقادات لاذعة من طرف وزير العدل طيب لوح الذي هو مرؤوسه، وخلفية التضييق والانتقادات وحتى المنع من تقديم بيان السياسة العامة ( إن ثبت ذلك) هو طموح أحمد أويحيى في الترشح إلى الرئاسة، وهو طموح لم ولن يرتاح له الفريق الرئاسي، خاصة في الوقت الذي بدأ فيه الشك يحيط بمشروع الولاية الخامسة.