قصة الشاب الذي عاش 23 عاما دون أن يعرف ان كان ذكرا ام أنثي

اثنين, 29/10/2018 - 15:07

كان إنيك البالغ من العمر 23 عاما، يستعد أوائل العام الحالي للعملية الأخيرة من سلسلة عمليات تستهدف حصوله على عضو ذكري، كغيره من الرجال مكتملي الرجولة.

بي بي سي تابعت تقدم حالة إنيك.

يقول إنيك عن رحلته الطبية والعمليات الجراحية التي أجريت له، "لم أعد أتذكر عدد المرات التي خضعت فيها لكشف طبي كامل ووقفت عاريا أمام الأطباء والممرضات. لكن خلال السنوات القليلة الماضية، تعرضت لهذا الموقف أكثر من 100 مرة".

منذ ولادته لم يتم تحديد نوعه. فأعضاؤه التناسلية كانت مختلطة وغير واضحة. ويحكي أن الأطباء أخبروا والديه أن "هذا الطفل بالكاد يشبه الولد، لكننا غير متأكدين بعد".

كان لديه خصيتان، لكن ليس في المكان الصحيح. وخضع لأول جراحة وهو لا يزال في الشهر الرابع لإعادتهما إلى مكانهما.

طوال فترة الطفولة، كان الناس يخبرون إنيك بأنه لا يشبه حقا بقية الصبية.

ويضيف :"كنت متأكدا من حب الوالدين. لكن في الوقت ذاته كانا يأخذاني إلى المستشفى كل ستة أشهر، حيث كان الأطباء يستخدمون كلمات، مثل "غير طبيعي"و "مختلف عن الآخرين"، عندما كانوا يتحدثون عني".

كان من الصعب على إنيك تكوين صداقات في المدرسة، ويتذكر محاولات الانتحار وخنق نفسه بكتم أنفاسه، ومعاناته لنزع غطاء عبوات سوائل التنظيف"، لتناولها كي يموت.

وبعد محاولة جادة للانتحار في سن 14 عاما، خضع لعلاج نفسي وعُرض على متخصص، لكنه لم يستطع أن يرشده إلى مصدر اضطراباته.

ويوضح أسبابه :"لم أكن أريد لأحد آخر غير مهم أن يعرف الحقيقة". "فضلت أن يظل الأمر مخفيا".

ويقول :"اعتقدت أن لا أحد يعرف طبيعة حالتي، وأنني الوحيد في العالم، مجرد حالة عشوائية معجزة".

ولم يدرك إنيك حقيقة وضعه إلا منذ خمس سنوات فقط، وهو في سن الـ 18. وعرف أن هناك مسمى لهذه الحالة وأدرك أسباب خضوعه لكل هذه العمليات الجراحية وتناول الأدوية الهرمونية: إنه كان "ثنائي الجنس".

وتغيرت حياته بشدة بعد أن أدرك أن هناك حالات أخرى مشابهة وهناك أناس آخرون يعيشون في مثل وضعه. ويقول :"فجأة أدركت أنني لا يجب أن أخجل من حالتي التي ولدت بها".

وأخبره الأطباء أيضا بأنه يمكنه الخضوع لجراحة إعادة تأهيل والحصول على جهاز تناسلي ذكوري (قضيب) جديد، ويمكنه الموافقة على هذه الجراحة عندما يبلغ 18 عاما. وأخبروه بعدم التسرع في اتخاذ القرار والانتظار حتى يشعر بالارتياح الكامل.

وبعد ثلاث سنوات، في 2016، اتخذ إنيك قراره وأكد جاهزيته لإجراء الجراحة.

ويقول إنيك :"في لحظة إلهام، كنت بحاجة لأن أخبر الناس. كنت بحاجة لقول الحقيقة. كنت على وشك الخضوع للكثير من الجراحات الكبيرة، كنت قد تعبت من اختلاق الأعذار حول حالتي الصحية وأسباب إجراء كل هذه الجراحات والإدعاء بإجراء جراحة إزالة الزائدة الدودية".

بدأ بالحديث إلى أبناء عمومته وأخبر أعمامه وعماته، وكانت المفاجأة أن ردود أفعالهم لم تكن سيئة ولم يظهروا أي استياء.

ويصف الموقف قائلا: "لم أعرف أن الناس قد تتقبل بشدة هذا الأمر الذي أخفيته طوال حياتي".

وكان مقررا إجراء الجراحة الأخيرة في يونيو/حزيران 2018، والتي منحت إنيك الأمل في أنه يمكنه أن يبدأ أول علاقة رومانسية في حياته.

لكن قبلها وفي فبراير/شباط 2018، توجه إنيك إلى مؤتمر عقدته "منظمة ثنائي الجنس العالمية" في كوبنهاغن، حيث حضرت وفود من كل أنحاء العالم لديهم نفس الحالة، للحديث عن القضايا التي تثير قلقهم ولمشاركة تجاربهم وخبراتهم في التعامل معها.

ويقول إنيك عن هذا :"رغم غرابة هذا، فإنه خلال ساعات قليلة من اللقاء كنا جميعا نتحدث عن أعضائنا الجنسية".

استمتع بشعور أن يكون حوله ناس لا يحتاج أن يشرح لهم وضعه وحالته. وتساءل عن ماهية هذا الشعور وهل هو شعور الإنسان بأنه "طبيعي".

لكن كانت المفاجأة عندما وجد نفسه يعاني بعض العزلة أيضا، نظرا لاختلاف خبرات الكثير منهم عن خبراته.

ويقول عن شعوره هذا: "ربما يفهم هؤلاء كيف أشعر، لكن في نفس الوقت لم يعيشوا ما عشته أنا".

ويضيف :"إنها قصة حياتي. لا أصلح أن أكون ذكرا. ولا أصلح أن أكون شخصا ثنائي الجنس. إذا فماذا أكون؟ ومن أكون؟ إن الوضع مذر".

وبعد ذلك تواصل إنيك عبر سكايب مع ناشط ثنائي الجنس من شيكاغو يدعى بيدجون باغونيس، والذي ولد أيضا مثل إنيك بدون جهاز تناسلي كامل سواء ذكر أو أنثى، لكن في حالته قرر الأطباء منحه أعضاء أنثوية.

نشأ بيدجون كفتاة وليس كصبي، والآن يستخدم الضمير "هم" (كمذكر ومؤنث معا) للحديث عن نفسه بدلا من "هي".

وعندما كانوا (بيدجون) في الجامعة أدركوا حقيقة حالتهم وأنهم ثنائي الجنس.

وينظر بيدجون الآن إلى الجراحات التي أجراها كأنها أساليب تجميل غير ضرورية، ويدفع بأن اللجوء إلى الجراحة لتغيير جسد طفل ثنائي الجنس ومعافى بالكامل هو نوع من "انتهاك حقوق الإنسان".

ويقول: "من فضلكم اتركوا أطفالكم يكبرون كما هم، أشخاص ثنائي الجنس، واتركوهم ليقرروا ماذا يريدون بأجسادهم يوما ما".

وطالب بالضغط على الأطباء للتوقف عن إجراء الجراحات الجنسية للأطفال ثنائي الجنس ويجرونها للبالغين، الذين ربما يريدونها."

وفكر إنيك، بعد حضور المؤتمر والحديث مع بيدجون، في أن الكثير من الجراحات التي خضع لها طفلا كانت "جراحات تجميل فقط".

وأخذ يفكر بجدية في الجراحة التي سيجريها في يونيو/حزيران، للحصول على أعضاء ذكورية، وإذا ما كان يريدها حقا، أم أنها مجرد شيء أقنعه الناس بأنه يحتاجها ليعيش حياة سعيدة.

وفي النهاية قرر إجراء الجراحة.

وجاء شهر يونيو/حزيران 2018، وأوشك على الذهاب إلى المستشفى للجراحة.

وقبل نحو عام حصل الأطباء على أنسجة جلدية من ذراعه اليسرى لإنتاج القضيب. ويستغرق الأمر عاما حتى يتمكن من استخدام القضيب الجديد والتبول من خلاله.

يوم العملية كان سيتم تركيب جهاز اصطناعي في قضيب إنيك، الذي سيساعده على التمدد والانتفاخ إذا كان يريد ممارسة الجنس الكامل.

ويقول: "أشعر أنني إنسان نصف آلي، لكنني على الأقل لا أعاني من مشكلات مقلقة".

وبغض النظر عما يفكر فيه، إنه أمر جيد حقا أن يحصل على جهاز مزروع في قضيبه، لكنه مازال يتساءل كيف يمكنه شرح الأمر لشخص يقيم معه علاقة. إنه لم يدخل في علاقة من قبل، ويأمل في إمكانية حدوث هذا بعد الجراحة.

يقول إنيك :"كل شيء سوف يتغير في حياتي. أخيرا سأحصل على أهم شيء يحصل عليه الشباب الآخرون. وربما أتمكن من تجربة ما يفعله من هم في مثل عمري. دائما ما كنت أتجنب العلاقات واشعر باشمئزاز من جسدي وكنت أكره ذاتي، لكني أعمل حاليا على تجاوز هذا".

تمت الجراحة بنجاح. يقول إنيك إن وضعه يبدو مختلفا الآن. ومازال غير متأكد من الوقت الذي يحتاجه حتى يعتاد على هذا.

ومع تلاشي تأثير مسكنات الألم أصبح جاهزا للذهاب إلى المنزل، حيث سيتولى والداه رعايته. إنه أمر محرج لأن القضيب الجديد يجب أن يظل في وضع محدد للأسبوع المقبل، ويبدو أنه منتصب دائما.

ويعترف: "عندما يأتي الناس لزيارتي ، فإنني أظهر سعيدا للغاية لرؤيتهم، حتى عندما لا أكون كذلك".

وبعد مرور شهر على الجراحة، كان إنيك يشعر بألم شديد منذ الخروج من المستشفى.

لم يشعر بمثل هذا الألم من قبل رغم تاريخه الطويل مع العمليات الجراحية. واجه بعض الصعوبات وطوال شهر كامل كان يضطر لزيارات متكررة لوحدة الطوارئ بالمستشفى.

ويحاول إنيك حاليا نسيان كل ما مر به.

ويتحدث عن المشاركة في مسيرة لثنائي الجنس في بريطانيا، "إنه يوم تاريخي. لأول مرة سيتجمع أشخاص من ثنائيي الجنس للمشاركة في مسيرة في لندن".

وليس كل ثنائي الجنس سحاقيات أو مثلي الجنس، ويرى البعض أن المسيرة مكان جيد ليتم تعريف الناس بمجتمع ثنائيي الجنس.

وفي يوم صيف حار التقى إنيك، بحوالي 30 شخصا ثنائي الجنس، غالبيتهم بدون أي ميول جنسية غير عادية، وشاركوا في المسيرة بوسط لندن.

ويقول عن تجربته هذه :"في مسيرة العام الماضي، لم أتقابل مع أي شخص ثنائي الجنس. بحثت لكنني لم أعثر على أحد. لكن الوضع اختلف هذا العام."

لم يستطع التوقف عن الضحك، "لقد تغيرت حياتي تماما خلال العام الماضي".

وفي شهر أغسطس/آب 2018، وبعد شهر من المشاركة في مسيرة لندن، كان يجب أن يخضع لجراحة أخرى لإصلاح بعض الأمور التي ظهرت خلال الفترة الماضية. فقد التف الجهاز المزروع داخل قضيبه حول إحدى خصيتيه مما سبب ألما شديدا.

مازال يتألم الآن ويجب أن يحذر من الإصابة بعدوى. ولكنه يأمل عدم الخضوع لجراحات أخرى طوال خمس أو سبع سنوات، وهي المدة التي سيضطر بعدها إلى صيانة جهاز الضخ المزروع في قضيبه أو تغييره بآخر أحدث إن وجد.

ولأنه لم يعد بحاجة إلى دخول المستشفى باستمرار، تمكن إنيك من العثور على وظيفته الأولى، ويعمل حاليا في الجامعة التي تخرج منها، وعندها أدرك أن كل الأمور الأخرى تتغير أيضا.

"بمجرد انتهاء الجراحة رأيت جسدي بصورة مختلفة تماما". ويؤكد "أشعر حاليا بالكثير من الارتياح حيال جسدي وأتحدث عنه بارتياح أيضا، وهو ما ساعدني على إقامة علاقات وثيقة مع الآخرين".

لقد أصبح أقرب إلى والديه أيضا.

يقول: "لقد نشأت وأنا أشعر بأنهم لم يفعلوا ما يكفي من أجلي ولم يكونوا يعرفون ما الذي يحدث". "لكنني لم أكن أدرك كيف كانا يعانيان ويتحملان الكثير من أجلي. لم يحظ والداي بالدعم الكافي وفعلا فقط ما كانا يظنان أنه صواب".

بشكل عام، يكشف أن إجراء الجراحة جعله يشعر بسعادة أكثر. حتى أنه اشترك في تطبيق للمواعدة والبحث عن أصدقاء وبالفعل التقى البعض.

ويعترف إنيك "أنا فقط أستكشف الأمر". ويقول "أحد اللقاءات الأولى لم يكن إيجابيا. خرجت مع فتاة أخبرتني أنني لم أكن حقا رجلا. ثم خرجت مع رجل ولكنني لم أشعر بأي شيء، لذلك أواجه المشاكل الطبيعية التي يواجهها الناس مع المواعدة والعلاقات، وهذا شعور رائع".

ويأمل أن يساعد حديثه عن الشيء الذي كان يعتبره أكبر سر في حياته، الأشخاص الآخرين الذين يعيشون حالات مماثلة.

"أنا شخص طبيعي، لكن حالتي ليست شائعة"، كما يقول.

ويختم حديثه: "لا توجد قصة واحدة عن ثنائي الجنس، لكني آمل أن تلهم قصتي أشخاصا آخرين للمضي قدما في حياتهم."