اكتشف الجوانب العبقرية لدى طفلك.. تعرَّف على أبرز ما توصل إليه العلماء

اثنين, 04/12/2017 - 07:46

لم يلتحق رومانيو غولفين، الابن ذو الأعوام السبعة، قط بأي مدرسة عامة أو خاصة.

يعمل والده مستشاراً بقسم الموسيقى في جامعة نورث كارولينا، بينما تشغل والدته شيري فيليب، المتخصصة بعلم نفس الشخصيات، منصب مديرة الأبحاث في شركة للاستشارات التعليمية تدعى مجموعة روبسون.

قرر الوالدان الالتزام الكامل بتعليم ابنهما منزلياً وتجهيزه للمستقبل بطريقتهم؛ بسبب عدم رضاهم عن نتائج التعليم التقليدي، فقال عنه بريان هوجان، أستاذ الكيمياء بجامعة نورث كارولينا: "يُمكن أن يصبح أينشتاين القادم"، وفقاً لما ذكرته صحيفة واشنطن بوستالأميركية.

لأجل تنشئة أطفال عباقرة ومتفوقين، يكفي أن تبدأ متابعة آلاف الأطفال العباقرة 4 عقود ونصف العقد من الزمن، من المؤكد أنك ستستخلص منهم شيئاً.

لكن، تذكَّر أن الأطفال العباقرة أيضاً يحتاجون إلى مساعدة المعلمين وإحاطتهم لأجل الوصول إلى أقصى إمكاناتهم المعرفية.

وبإمكان الآباء ذوي السلوك الجيد الذين يتفاعلون مع أطفالهم، أن يكون لهم تأثير إيجابي على ذكاء أطفالهم، فذلك يعتبر أهم وسائل التربية؛ إذ تقربك من طفلك بصورة كبيرة جداً.

في أيامنا هذه وبهذا العصر، يمتد الدور الذي يلعبه الأب في تربية الطفل إلى ما وراء مجرد إحضار الطعام إلى المنزل، أو أن يكون مثالاً كاملاً على الاحترام، وفق دراسة نشرتهاالإندبندنت البريطانية.

بدأت متابعةٌ، ضمت 5 آلاف طفل عبقري من الولايات المتحدة في سنة 1971، ضمن دراسة دقيقة اهتمت بالأطفال النخبة، الذين يمثلون 1 في المائة و0.1 في المائة، وحتى الأطفال الذين يمثلون 0.01 في المائة من التلاميذ.

هذه الدراسة، التي نُشرت على صحيفة The Independent البريطانية، من أطول الدراسات التي شملت الأطفال الموهوبين في التاريخ.

 

هذا ما كشفته الدراسة

 

تعيش هذه النخبة من الأطفال، الذين سبق أن ذكرنا أنها تمثل 1 بالمائة و0.1 %، و0.01 % من مجموع الأطفال، حياةً استثنائية.

في البداية، عملت هذه الدراسة التي تحمل مختصر "سيمبي"، على اختبار ذكاء الأطفال باستخدام اختبار التقييم المدرسي "سات" وامتحانات القبول في الجامعات واختبارات مستوى الذكاء الأخرى.

بعد ذلك، بدأ الباحثون البحث عن عوامل أخرى، على غرار التسجيل في الجامعة والتوجهات المهنية بالحياة فيما بعد.

بناء على هذه الاختبارات، كشف الباحثون أن الأطفال الأكثر عبقرية سيحصلون على درجات دكتوراه ودراسات عليا، وسيحملون براءات اختراع بمعدلات تفوق الأطفال الأقل عبقرية، إلى جانب أن أغلبيتهم سيكونون ضمن أولئك الذين يتمتعون بدخل مرتفع، والذين يمثلون فقط 5% من المجتمع.

في هذا الصدد، أفاد الدكتور جوناثان واي، عالِم النفس في برنامج تحديد المواهب بجامعة ديوك، في تصريح لموقع "نيتشر"، بأن "هؤلاء الأطفال سيديرون مجتمعنا في المستقبل، سواء شئنا أم أبينا".

 

الأطفال العباقرة لا يحظون بالرعاية والاهتمام الكافي

 

تكمن المشكلة في أن الأطفال العباقرة دائماً ما يحظون باهتمام أقل من قِبل معلميهم مقارنة بالأطفال العاديين.

يتحجج المعلمون بأن تجاهل الأطفال العباقرة في القسم وعدم بذل جهد لأجلهم، يُعزوان إلى أنهم ليسوا بحاجة إليهم وقد وصلوا إلى ما كانوا يطلبون ويريدون.

وعندما نظر الباحثون في "سيمبي" إلى الوقت الذي يقضيه المعلمون في الاهتمام بهذه الفئة من الأطفال، وجدوا أن أغلبيتهم يكرسون معظم وقتهم في تدريس ومساعدة الطلاب الأقل ذكاءً وفطنة لأجل بلوغ المعدل المطلوب.

يقترح الباحثون في هذه الدراسة على المعلمين تجنّب تدريس المناهج من نوع "منهج واحد يناسب الجميع"، وبدلاً من ذلك عليهم العمل على تعزيز التعليم وتركيز كل جهودهم على إنشاء مناهج جديدة تقوم على دروس منفردة للأطفال بمختلف مستويات ذكائهم.

 

تخطي الصف يأتي بنتائج جيدة

 

في الواقع، يقترح القائمون على دراسة "سيمبي" على المعلمين والأولياء السماح للأطفال العباقرة بالانتقال من صف إلى آخر؛ وذلك لأجل مساعدتهم على حسن استغلال ذكائهم وقدراتهم. خلال الدراسة، قارن الباحثون بين مجموعة الأطفال العباقرة الذين كانوا يدرسون بصفة طبيعية والآخرين الذين توافرت لديهم حرية الانتقال من مستوى دراسي إلى آخر.

على أثر ذلك، وجد الباحثون أن الأطفال الذين تخطوا صفوفهم كانوا أكثر حظاً، بنسبة 60% في الحصول على الدراسات العليا وبراءات الاختراع، والدكتوراه، خاصةً في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مقارنة بالمجموعة الأخرى التي اختارت اتباع سياسة المراحل.

 

لا يوجد نوع واحد من الذكاء

 

في حقيقة الأمر، أن تكون ذكياً فهذا لا يعني بالضرورة أنك تملك قدرة كبيرة على حفظ الوقائع وتذكُّر الأسماء والتواريخ.

اكتشف فريق "سيمبي"، من خلال جملة من التحليلات والمتابعة، أن بعض الأطفال العباقرة يملكون قدرة هائلة في المنطق المكاني.

تتمتع هذه الفئة من الأطفال بموهبة هائلة فيما يتعلق بنظم التصور، على غرار نظام الدورة الدموية في جسم الإنسان وتشريح هوندا.

في 2013، وجدت دراسات حول الموضوع نفسه أن هناك علاقة كبيرة بين مهارات التفكير المكاني وعدد براءات الاختراع المقدمة والدراسات المنشورة.

الاختبارات الموحدة ليست مضيعة للوقت دائماً

لا تقدر الاختبارات الموحدة، وأشهرها "اختبار سات"، على تقييم كل ما يريد المعلم أو الولي معرفته عن الطفل.

يبدو أن البيانات التي وجدها فريق "سيمبي"، تقترح أن تتضمن مقاييس هذه الاختبارات الموحدة القدرة التنبؤية، مع الأخذ بعين الاعتبار بعض العوامل، على غرار الوضعَين الاجتماعي والاقتصادي ومستوى الممارسة.

أفادت كاميلا بنبو، أحد الباحثين في الدراسة، بأن هذه الاختبارات كانت تستعمل دائماً لأجل معرفة الأشياء التي يتفوق فيها كل طفل؛ ليتسنى للمعلمين تركيز اهتمامهم على عدة اتجاهات.

المثابرة لا يمكن أن تطغى على القدرة المعرفية المبكرة

من المثير للاهتمام أن طبيبة النفس كارول دويك قد وجدت أن الأشخاص الناجحين والمتفوقين دائماً ما يميلون إلى الحفاظ على "العقلية المرنة والقابلة للتطور" بدلاً من "العقلية الثابتة".

يرى هؤلاء الأشخاص أنفسهم على أنهم يملكون تركيبة قابلة للتغير والتكيف والنمو، ولا تقبل أن تكون ثابتة.

تتفق "سيمبي" مع هذا التقييم، ولكنها وجدت أيضاً أن علامات القدرة المعرفية الأولى التي تظهر عند الأطفال يمكن أن تنبئ بمستوى نجاحهم في المستقبل، وذلك بغض النظر عن كل الممارسات التي يمكن أن يقوموا بها أو يتخطوها قبل اعتلائهم سُلم النجاح.

وبالنظر إلى هذا المستقبل الباهر، أصبح الأمر ملقىً على عاتق الآباء والمعلمين؛ كي يعترفوا بقدرات أبنائهم في وقت مبكر ويمنحوهم الرعاية الكافية.