من قصص العبودية "الحية" في موريتانيا -1-

اثنين, 13/11/2017 - 10:44

تتحدث امبيركه بحسرة وهي تنظر بعينيها للأرض، وتدغدغ أصابع قدمها، وكأنها تتمنى أن تنبت من جديد في بيئة غير التي عانت فيها من أغلال العبودية.

امبيريكه التي تم تحريرها على يد منظمة نجدة العبيد، هي قصة من عشرات قصص العبيد الذين تم تحريرهم على يد المنظمة، ومازالت تتذكر أيام الشقاء عند الأسياد، الذين حرموها من كل شيء، وجردوها من إنسانيتها.

لا تعرف امبيرك عمرها الحقيقي، إلا أنها تتذكر جيدا، حادثة اغتصابها على يد زوج سيدتها الذي في عمر جدها الذي لم تراه يوما.

لم تعرف امبيركه أمها، لأنه فرق بينهما وهي طفلة، وتم تمليكها لإحدى بنات سيدها التي رحلت بها الى مضارب الزوج الجديد.

لم يكن حال امبيريكه إلا كحال إخوتها، ولما لا، فالعبيد جزء من متاع السيد وزينته، كباقي التجهيزات والمستلزمات التي تغادر بها العروس إلى منزل زوجها.

مازالت امبيركه طفلة، تعيش طفولتها في سن مراهقتها، وهذه المرة بحرية، بعد أن تم حرمانها من ذلك في عمر الطفولة.

وتذكر جيدا، كيف اغتصبت ذات مرة على يد زوج سيدتها الطاعن في السن، بعد أن تبعها وترصدها وهي ترعى الغنم في الفيافي الموحشة مع سبق الإصرار، "بعد أن اغتصبني، قام بتهديدي بسكين كانت، واخبرني انه إذا قصصت الخبر على احد فسيذبحني، قررت وأنا التي لا حول لي ولا قوة، ان اتخذ من الصمت رفيقا، خاصة أنني ما زلت طفلة، ولم أكن أعي ما حل بي، إلى أن رزقت ببنت، كان زوج سيدتي هو أباها الذي لن تعرفه أبدا".

وحين استفسرت امبيركه، هل سألتك سيدتك عن حملك، وعن من هو والد ابنتك، أجابت، " أبدا، لا يهمهم ذلك، فالمهم هو زيادة العبيد فقط، حيث عرفت فيما بعد أن هذا هو السبب".

اليوم تعيش امبيركه في مدينة باسكنو أقصي الشرق الموريتاني، ولا تملك أية أوراق ثبوتية، تمكنها من حقها كمواطنة جديدة في بلد ولدت فيه وهي مسلوبة الإرادة، وحالها حال كل العبيد اللذين التقينا بهم.

إنهم أيتام، عاشوا في نير العبودية، وحين وجدوا مخرجا منها، صاروا مواطنين بدون، وكما يقولون، لولا تلك المآزرة والمساعدة التي يتلقونها من منظمة نجدة العبيد لهلكوا.

ولا تختلف قصة امباركه منت امبارك عن قصة امبيركه وغيرها من العبيد الذين مازالوا تحت نير العبودية أو حرروا منها، إلا أن في كل حكاية وجه آخر من ضروب المعاملة البشعة التي تمارس ضدهم.

امباركه، وهي تحكي مأساتها، لا بد وان تقف حائرا متسائلا، "هل انا في حلم أم علم"، لا يهم، فهناك حقيقة واحدة، أن هذا يحدث في بلد يدعى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وبالتحديد في أقصي الشرق على الحدود مع دولة مالي.

وتروى امباركه بحزن، حين قرر سيدها تزوجها من رجل يعمل لديهم ويكبرها بكثير، إلا أن المفاجئة لها، كانت حينما علمت بأمر جلل، وهي في لحظة دردشة قليلا ما تتاح لها، أن زوجها هو زوج أمها، التي هربت قبل سنوات من العبودية، تاركة فلذات كبدها، الذين فرقوا على الأسياد لخدمتهم.

نعم، امباركه لا تعرف أمها، كحال معظم العبيد في موريتانيا، حيث فرق بينها وأمها، وهي مازالت طفلة، فوالدتها هي خيدام التي حررتها نجدة العبيد، بعد ان فرت بنفسها، وتركت أبناءها الذين كان من بينهم أمباركة بنت أمبارك.

يتواصل

المهدي ولد لمرابط

كمرا سيدي