أحمدو ولد عبد الله يروي قصة التأميمات في موريتانيا

سبت, 28/11/2015 - 10:57

الأخبار (نواكشوط) لا يزال الوزير والدبلوماسي الدولي أحمدو ولد عبد الله، يرى أن قراري تأميم ميفرما وإنشاء الأوقية لم يجدا الوقت الكافي ولا القدر المناسب من التخطيط، لكن ذلك لم يكن أسوء من وضعية اسنيم لاحقا حيث تحولت إلى صندوق أسود للرؤساء يسحبون منها ما يشاءون. في حديث خاص للأخبار يتحدث الوزير السابق أحمدو ولد عبد الله عن تأميم ميفرما وإنشاء الأوقية، مستعينا بذاكرة قوية ودفتر يوميات لا يزال جديدا لم تستطع 42 سنة أن تؤثر على غلافه وعلى أوراقه البيضاء. ووفق ولد عبد الله فإن قرار التأميم جاء ضمن سياقيين - سياق تحرر اقتصادي إقليمي كان من أبرز مظاهره عمليات التأميم في الجزائر وغينيا شيخو توري. - حراك وطني ورغبة قوية لدى الحكومة في استقلال اقتصادي. ميفرما الفرنسية تأسست شركة ميفرما الفرنسية سنة 1952 برأس مال من 30 مليار فرنسك فرنسي وزعت على عدد من الشركاء أبرزهم - سلفة من البنك الدولي بنسبة 16 مليار فرنك فرنسي وبضمان من فرنسا - 7.7 مليار فرنك فرنسي حصة فرنسا فيما وزعت البقية على عدة شركاء من أبرزهم اليهودي الألماني روتشليد الذي تولى تأسيس سكة الحديد، إضافة إلى الحكومة في موريتانيا التي حصلت على نسبة 5% من الحصة الخصوصية. فيما حصل المكتب الجيولوجي الموريتاني على نسبة 42% أكبر مشغل ويقول الوزير أحمد ولد عبد الله إن شركة اسنيم كانت ولا تزال أهم مشغل في موريتانيا كما أنها أهم مساهم في الاقتصاد الوطني. انطلقت أول شحنة تصدير من ميفرما سنة 1964 وكانت 5 مليون طن سنويا. وفي سنة 1973 وصلت إلى 11 مليون طن وحافظت على نفس الرقم قبل أن تضيف مليونا آخر سنة 2013. إرهاصات التأميم بدأت لجنة خاصة برئاسة الرئيس الأسبق المختار ولد داداه وعضوية وزير الداخلية أحمد ولد محمد صالح، والوزير صال عزيز، ومدير الديوان محمد عال شريف)، فيما تم ابتعاث الوزير حمدي ولد مكناس إلى فرنسا للمطالبة بمراجعة الاتفاقيات الاقتصادية مع موريتانيا بدأت اللجنة الاتصال بالجزائر التي أبدت دعما للتوجه الموريتاني، كما زار وفد جزائري برئاسة عبد العزيز بوتفليقة موريتانيا وعرض مساعدته ودعمه. معارضة داخل مجلس الوزراء داخل مجلس الوزراء ارتفعت عدة أصوات ضد قراري التأميم وإنشاء العملة الوطنية، كان من أبرز المعارضين للقرار وزير الدفاع سيدي محمد جاكانا وزير العدل المعلوم ولد ابراهام وزير التخطيط محمد ولد عبد الله ولد الشيخ سيديا وزير التجارة أحمدو ولد عبد الله كانت حجج المعارضين أن القرار يحتاج مستوى كبيرا من التخطيط والدراسة، ويحتاج تدرجا بإقامة خزينة عامة ونظام مصرفي قوي، ويرى ولد عبد الله أن الارتجال تسبب في ضعف النظام المصرفي إلى اليوم حيث تحتوي السوق السوداء والصرافات الأهلية على أضعاف ما يوجد من العملة الصعبة لدى البنك المركزي ويقول أحمدو ولد عبد الله إن وزير العدل طالب المختار بمراعاة وضعية التجار الموريتانيين في دول الجوار الذين سيجدون أنفسهم في ورطة بعد تخلي موريتانيا عن الفرنك الفرنسي أما الوزير محمد ولد الشيخ سيديا فقد اعتبر القرار منافيا لمقتضيات التخطيط السليم. ويعلق الوزير أحمد ولد عبد الله كنا وزراء شبابا، وتحت رئاسة المختار كنا نناقش بقوة ونعترض بقوة وكان يستمع لنا ويناقش ويحاول الإقناع وفي بعض الأحيان ينفذ رأيه كما فعل في قضية الأوقية وميفرما. ويؤكد أحمدو ولد عبد الله إن النقاش داخل الحكومة كان وطنيا ومجردا فلم يكن التفكير الخاص ولا المصالح الضيقة قد دخلت حينها إلى حسابات المسؤولين. على رأس اسنيم في 1974 أقيل ولد عبد الله من وزارة التجارة وعين سفيرا في الولايات المتحدة الأمريكية، كان من ضمن أهدافه فتح نافذة علاقات قوية مع الولايات المتحدة سعيا إلى إيجاد سند اقتصادي وسياسي جديد، في ظل توقع توتر العلاقة مع فرنسا التي ستفقد في التأميمات عددا كبيرا من امتيازاتها الاقتصادية. في 1974 زار موريتانيا أول عضو في مجلس الشيوخ الفرنسي وهو النائب عن ولاية أوهايو فانس هاردكي، وحضر حفل الاستقلال وعلى منصة الاستقلال أعلن الرئيس تأميم ميفرما في اليوم الموالي زار السفير أحمدو ولد عبد الله الرئيس المختار ولد داداه وأبلغه احتجاجه على القرار، وشرح له موقفه من جديد، ويرى ولد عبد الله أن من سلبيات ذلك القرار خسارة موريتانيا لمقر شركة ميفرما الموجود في شارع مهم في باريس حيث ادعت الشركة المالكة أنها باعته سابقا ولم يعد موجودا وفي النهاية حصلت فرنسا على تعويضات بقيمة 63 مليون دولار فيما منحت الكويت قرضا ماليا بقيمة 90 مليون دولار، وهو المبلغ الذي ظل يتوالد بفعل الزمن ليتحول إلى ديون خيالية للكويت على موريتانيا. في 1980 تم تعيين ولد عبد الله مديرا لشركة اسنيم، ولمدة أشهر فقط وكان من أبرز أعماله - كسر الاحتكار الجهوي في التشغيل حيث كان عمال اسنيم بشكل عام ينتمون إلى ولاية تيرس. - استفادة قاعدة العمال من الاتفاقيات التي تنتج بعض الإضراب وقد كان الأطر يحصلون على زيادة كبيرة، فيما يحصل العمال الصغار على نسبة أقل، وهكذا تم عكس القاعدة لتكون الزيادة الأكبر من نصيب العمال. بعد انقلاب 1984، طلب الرئيس السابق معاوية ولد الطايع من ولد عبد الله إدارة اسنيم، كان ذلك بعد أسبوع قليل من انتقال ولد عبد الله للعمل في الأمم المتحدة " لقد رفضت العرض لسببين - علمي بأن معاوية أرسل العقيد محمد ولد أكحل إلى محمد السالك ولد هيين يعرض عليه إدارة اسنيم - إن معاوية لا يملك رؤية اقتصادية يمكن أن تنهض بالبلد" لا شيئ وفق ولد عبد الله أسوء مما صارت عليه اسنيم عندما تحولت إلى صندوق أسود للرؤساء يسحبون منه ما يشاءون ينقذون منهم أنفسهم وأنظمتهم من الورطات.